173
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

الرجّة على باب القصر فقال : إنّي لأظنّها أصوات مذحج وشيعتي من المسلمين ، إنّه إن دخل عليَّ عشرة نفر أنقذوني .

فلمّا سمع كلامه شريح خرج إليهم فقال لهم : إنّ الأمير لمّا بلغه مكانكم ومقالتكم في صاحبكم ، أمرني بالدخول إليه ، فأتيته فنظرت إليه ، فأمرني أن ألقاكم وأن اُعلمكم أنّه حيّ ، وأنّ الذي بلغكم من قتله باطل .
فقال عمرو بن الحجّاج وأصحابه : أمّا إذ لم يقتل فالحمد للَّه ، ثمّ انصرفوا .

وخرج عبيد اللَّه بن زياد فصعد المنبر ، ومعه أشراف الناس وشرطه وحشمه ، فقال : أمّا بعد؛ أيّها الناس ، فاعتصموا بطاعة اللَّه وطاعة أئمّتكم ولا تفرّقوا ، فتهلكوا وتَذِلّوا وتُقتَلُوا وتُجفَوا وتُحرَبوا۱ ، إنّ أخاكَ من صدقك ، وقد أعذر من أنذر .
ثمّ ذهب لينزل ، فما نزل عن المنبر حتّى دخلت النظّارة المسجد من قبل باب التمّارين يشتدّون ويقولون : قد جاء ابن عقيل! قد جاء ابن عقيل! فدخل عبيد اللَّه القصر مسرعاً وأغلق أبوابه . قال عبداللَّه بن حازم : أنا واللَّه رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر ما فعل هانئ ، فلمّا حبس وضرب ركبت فرسي فكنت أوّل أهل الدار ۲دخل على مسلم بن عقيل بالخبر ، فإذا نسوة لمراد مجتمعات ينادين : يا عبرتاه! يا ثكلاه! فدخلت على مسلم بن عقيل فأخبرته ، فأمرني أن اُنادي في أصحابه وقد ملأ بهم الدور حوله ، وكانوا فيها أربعة آلاف رجل ، فناديت : (يا منصور أمت) ، فتنادى أهل الكوفة واجتمعوا عليه ، فعقد مسلم لرؤوس الأرباع على القبائل : كندة ومذحج وأسد وتميم وهمدان ، وتداعى الناس واجتمعوا ، فما لبثنا إلّا قليلاً حتّى امتلأ المسجد من الناس والسوق ، وما زالوا يتوثّبون حتّى المساء ، فضاق بعبيد اللَّه أمره ، وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر وليس معه في القصر إلّا ثلاثون رجلاً من الشرط وعشرون رجلاً من أشراف الناس وأهل بيته وخاصّته ، وأقبل مَن نأى عنه

1.الحَرَب : أخذ المال قهراً (الصحاح : ج ۱ ص ۱۰۸ (حرب)» .

2.۲ / ۵۲


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
172

أبداً .

فسمع ابن زياد ذلك فقال : أدنوه منّي ، فاُدني منه فقال : واللَّه ، لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك ، فقال هانئ : إذا واللَّه تكثر البارقة حول دارك ، فقال ابن زياد : وا لهفاه عليك! أبالبارقة تخوّفني؟ وهو يظنّ أنّ عشيرته سيمنعونه؟ ثمّ قال : أدنوه منّي ، فاُدني ، فاعترض وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب وجهه وأنفه وجبينه وخدّه حتّى كسر ۱أنفه ، وسِيل الدماء على ثيابه ، ونثر لحم خدّه وجبينه على لحيته ، حتّى كسر القضيب .

وضرب هانئ يده إلى قائم سيف شرطي ، وجاذبه الرجل ومنعه ، فقال عبيد اللَّه : أحروريّ سائر اليوم؟ قد حلّ لنا دمك ، جرّوه ، فجرّوه فألقوه في بيت من بيوت الدار ، وأغلقوا عليه بابه ، فقال : اجعلوا عليه حرساً ، ففعل ذلك به .

فقام إليه حسّان بن أسماء فقال له : أَرُسُلُ غدر سائر اليوم؟ أمرتنا أن نجيئك بالرجل ، حتّى إذا جئناك به هَشَمت وجهه ، وسيّلت دماءه على لحيته ، وزعمت أنّك تقتله؟!
فقال له عبيد اللَّه : وإنّك لهاهنا ، فأمر به فلهز وتعتع ، ثمّ اُجلس ناحية .
فقال محمّد بن الأشعث : قد رضينا بما رآه الأمير ، لنا كان أو علينا ، إنّما الأمير مؤدّب .

وبلغ عمرو بن الحجّاج أنّ هانئاً قد قتل ، فأقبل في مذحج حتّى أحاط بالقصر ومعه جمع عظيم ، ثمّ نادى : أنا عمرو بن الحجّاج ، وهذه فرسان مذحج ووجوهها ، لم تخلع طاعة ، ولم تفارق جماعة ، وقد بلغهم أنّ صاحبهم قد قتل فأعظموا ذلك .
فقيل لعبيد اللَّه بن زياد : هذه مذحج بالباب ، فقال لشريح القاضي : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ، ثمّ اخرج وأعلمهم أنّه حيّ لم يقتل .

فدخل فنظر شريح إليه ، فقال هانئ لمّا رأى شريحاً : يا للَّه! يا للمسلمين! أَهَلَكَت عشيرتي؟! أين أهل الدين؟! أين أهل البصر؟! والدماء تسيل على ۲لحيته ، إذ سمع

1.۲ / ۵۰

2.۲ / ۵۱

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8461
صفحه از 512
پرینت  ارسال به