أبداً .
فسمع ابن زياد ذلك فقال : أدنوه منّي ، فاُدني منه فقال : واللَّه ، لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك ، فقال هانئ : إذا واللَّه تكثر البارقة حول دارك ، فقال ابن زياد : وا لهفاه عليك! أبالبارقة تخوّفني؟ وهو يظنّ أنّ عشيرته سيمنعونه؟ ثمّ قال : أدنوه منّي ، فاُدني ، فاعترض وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب وجهه وأنفه وجبينه وخدّه حتّى كسر ۱أنفه ، وسِيل الدماء على ثيابه ، ونثر لحم خدّه وجبينه على لحيته ، حتّى كسر القضيب .
وضرب هانئ يده إلى قائم سيف شرطي ، وجاذبه الرجل ومنعه ، فقال عبيد اللَّه : أحروريّ سائر اليوم؟ قد حلّ لنا دمك ، جرّوه ، فجرّوه فألقوه في بيت من بيوت الدار ، وأغلقوا عليه بابه ، فقال : اجعلوا عليه حرساً ، ففعل ذلك به .
فقام إليه حسّان بن أسماء فقال له : أَرُسُلُ غدر سائر اليوم؟ أمرتنا أن نجيئك بالرجل ، حتّى إذا جئناك به هَشَمت وجهه ، وسيّلت دماءه على لحيته ، وزعمت أنّك تقتله؟!
فقال له عبيد اللَّه : وإنّك لهاهنا ، فأمر به فلهز وتعتع ، ثمّ اُجلس ناحية .
فقال محمّد بن الأشعث : قد رضينا بما رآه الأمير ، لنا كان أو علينا ، إنّما الأمير مؤدّب .
وبلغ عمرو بن الحجّاج أنّ هانئاً قد قتل ، فأقبل في مذحج حتّى أحاط بالقصر ومعه جمع عظيم ، ثمّ نادى : أنا عمرو بن الحجّاج ، وهذه فرسان مذحج ووجوهها ، لم تخلع طاعة ، ولم تفارق جماعة ، وقد بلغهم أنّ صاحبهم قد قتل فأعظموا ذلك .
فقيل لعبيد اللَّه بن زياد : هذه مذحج بالباب ، فقال لشريح القاضي : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ، ثمّ اخرج وأعلمهم أنّه حيّ لم يقتل .
فدخل فنظر شريح إليه ، فقال هانئ لمّا رأى شريحاً : يا للَّه! يا للمسلمين! أَهَلَكَت عشيرتي؟! أين أهل الدين؟! أين أهل البصر؟! والدماء تسيل على ۲لحيته ، إذ سمع