الحجّاج الزبيدي ، وكانت رويحة بنت عمرو تحت هانئ بن عروة ، وهي اُمّ يحيى بن هانئ ، فقال لهم : ما يمنع هانئ بن عروة من إتياننا؟ فقالوا : ما ندري وقد قيل إنّه يشتكي ، قال : قد بلغني أنّه قد برئ وهو يجلس على باب داره ، فألقوه ومروه ألّا يدع ما عليه من حقّنا ، فإنّي لا اُحبّ أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب .
فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة وهو جالس على بابه ، فقالوا : ما يمنعك من لقاء الأمير ، فإنّه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاكٍ لعدته؟
فقال لهم : الشكوى تمنعني ، فقالوا له : قد بلغه أنّك تجلس كلّ عشيّة على باب دارك ، وقد استبطأك ، والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان ، أقسمنا عليك لمّا ركبت معنا .
فدعا بثيابه فلبسها ، ثم دعا ببغلته فركبها ، حتّى إذا دنا من القصر كأنّ نفسه أحسّت ببعض الذي كان ، فقال لحسّان بن أسماء بن خارجة : يا ابن أخي ، إنّي واللَّه لهذا الرجل لخائف ، فما ترى؟
قال : أي عم! واللَّه ، ما أتخوّف عليك شيئاً ، ولِمَ تجعل على نفسك سبيلاً؟! ولم يكن حسّان يعلم في أيّ شيء بعث إليه عبيد اللَّه . فجاء هانئ حتّى دخل على ابن زياد ومعه القوم ، فلمّا طلع قال ابن زياد : أتتك بحائن۱ رجلاه . فلمّا دنا من ابن زياد - وعنده شريح القاضي - التفت نحوه فقال :
۲اُريد حباءه ويريد قتليعذيرك من خليلك من مراد
وقد كان أوّل ما دخل عليه مكرماً له ملطفاً ، فقال له هانئ : وما ذلك أيّها الأمير؟ قال : إيه يا هانئ بن عروة ، ما هذه الاُمور التي تربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليَّ؟!