171
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فقال : ما فعلت ، وما مسلم عندي . قال : بلى قد فعلت ، فلمّا كثر ذلك بينهما ، وأبى هانئ إلّا مجاحدته ومناكرته ، دعا ابن زياد معقلاً - ذلك العين - فجاء حتّى وقف بين يديه ، فقال : أتعرف هذا؟
قال : نعم ، وعلم هانئ عند ذلك أنّه كان عيناً عليهم ، وأنّه قد أتاه بأخبارهم ، فاُسقط في يده ساعة ، ثمّ راجعته نفسه فقال : اسمع منّي وصدّق مقالتي ، فواللَّه لا كذبت ، واللَّه ، ما دعوته إلى منزلي ، ولا علمت بشي‏ء من أمره حتّى جاءني يسألني النزول فاستحييت من ردّه ، ودخلني من ذلك ذمام فضيّفته وآويته ، وقد كان من أمره ما كان بلغك ، فإن شئت أن اُعطيك الآن موثقاً مغلّظاً ألّا أبغيك سوءاً ولا غائلة ، ولآتينّك حتّى أضع يدي في يدك ، وإن شئت أعطيتك رهينة تكون في يدك حتى آتيك ، وأنطلق إليه فآمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء من الأرض ، فأخرج من ذمامه وجواره .

فقال له ۱ابن زياد : واللَّه ، لا تفارقني أبداً حتّى تأتِيَنِي به ، قال : لا واللَّه ، لا آتيك به أبداً ، أجيئك بضيفي تقتله؟! قال : واللَّه ، لتأتينَّ به ، قال : لا واللَّه ، لا آتيك به .

فلمّا كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي - وليس بالكوفة شاميّ ولا بصريّ غيره - فقال : أصلح اللَّه الأمير ، خلّني وإيّاه حتّى اُكلّمه ، فقام فخلا به ناحية من ابن زياد ، وهما منه بحيث يراهما ، وإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان ، فقال له مسلم : يا هانئ إنّي أنشُدُك اللَّه أن تقتل نفسك ، وأن تدخل البلاء على عشيرتك ، فواللَّه ، إنّي لأنفس بك عن القتل ، إنّ هذا الرجل ابن عمّ القوم وليسوا قاتليه ولا ضائريه ، فادفعه إليه فإنّه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة ، إنّما تدفعه إلى السلطان .

فقال هانئ : واللَّه ، إنّ عليَّ في ذلك للخزي والعار ، أنا أدفع جاري وضيفي وأنا حيّ صحيح أسمع وأرى ، شديد الساعد ، كثير الأعوان؟! واللَّه ، لو لم أكن إلّا واحداً ليس لي ناصر لم أدفعه حتّى أموت دونه . فأخذ يناشده وهو يقول : واللَّه ، لا أدفعه

1.۲ / ۴۹


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
170

الحجّاج الزبيدي ، وكانت رويحة بنت عمرو تحت هانئ بن عروة ، وهي اُمّ يحيى بن هانئ ، فقال لهم : ما يمنع هانئ بن عروة من إتياننا؟ فقالوا : ما ندري وقد قيل إنّه يشتكي ، قال : قد بلغني أنّه قد برئ وهو يجلس على باب داره ، فألقوه ومروه ألّا يدع ما عليه من حقّنا ، فإنّي لا اُحبّ أن يفسد عندي مثله من أشراف العرب .

فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة وهو جالس على بابه ، فقالوا : ما يمنعك من لقاء الأمير ، فإنّه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاكٍ لعدته؟
فقال لهم : الشكوى تمنعني ، فقالوا له : قد بلغه أنّك تجلس كلّ عشيّة على باب دارك ، وقد استبطأك ، والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان ، أقسمنا عليك لمّا ركبت معنا .

فدعا بثيابه فلبسها ، ثم دعا ببغلته فركبها ، حتّى إذا دنا من القصر كأنّ نفسه أحسّت ببعض الذي كان ، فقال لحسّان بن أسماء بن خارجة : يا ابن أخي ، إنّي واللَّه لهذا الرجل لخائف ، فما ترى؟

قال : أي عم! واللَّه ، ما أتخوّف عليك شيئاً ، ولِمَ تجعل على نفسك سبيلاً؟! ولم يكن حسّان يعلم في أيّ شي‏ء بعث إليه عبيد اللَّه . فجاء هانئ حتّى دخل على ابن زياد ومعه القوم ، فلمّا طلع قال ابن زياد : أتتك بحائن‏۱ رجلاه . فلمّا دنا من ابن زياد - وعنده شريح القاضي - التفت نحوه فقال :

۲اُريد حباءه ويريد قتلي‏عذيرك من خليلك من مراد
وقد كان أوّل ما دخل عليه مكرماً له ملطفاً ، فقال له هانئ : وما ذلك أيّها الأمير؟ قال : إيه يا هانئ بن عروة ، ما هذه الاُمور التي تربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليَّ؟!

1.الحائن : الهالك (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۱۳۶ (حين)» .

2.۲ / ۴۸

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8478
صفحه از 512
پرینت  ارسال به