169
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

وهو يصلّي ، فسمع قوماً يقولون :

هذا يبايع للحسين ، فجاء فجلس إلى جنبه حتّى فرغ من صلاته ، ثمّ قال : يا عبداللَّه ، إنّي امرؤ من أهل الشام ، أنعم اللَّه عليَّ بحبّ أهل هذا البيت ۱وحبّ من أحبّهم؟ وتباكى له وقال : معي ثلاثة آلاف درهم ، أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنّه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول اللَّه ، فكنت اُريد لقاءه فلم أجد أحداً يدلّني عليه ولا أعرف مكانه ، فإنّي لجالس في المسجد الآن إذ سمعت نفراً من المؤمنين يقولون : هذا رجل له علم بأهل هذا البيت ، وإنّي أتيتك لتقبض منّي هذا المال وتدخلني على صاحبك ، فإنّما أنا أخ من إخوانك وثقة عليك ، وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه .

فقال له مسلم بن عوسجة رحمه اللّه : احمد اللَّه على لقائك إيّاي فقد سرّني ذلك ، لتنال الذي تحبّ ، ولينصر اللَّه بك أهل بيت نبيّه عليه وآله السلام ، ولقد ساءني معرفة الناس إيّاي بهذا الأمر قبل أن يتمّ؛ مخافة هذا الطاغية وسطوته .

فقال له معقل : لا يكون إلّا خيراً ، خذ البيعة عليَّ ، فأخذ بيعته وأخذ عليه المواثيق المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ ، فأعطاه من ذلك ما رضي به ، ثمّ قال له : اختلف إليَّ أياماً في منزلي فأنا طالب لك الإذن على صاحبك . فأخذ يختلف مع الناس ، فطلب له الإذن فأذن له ، فأخذ مسلم بن عقيل رضى اللَّه عنه بيعته ، وأمر أبا ثمامة الصائدي فقبض المال منه ، وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين به بعضهم بعضاً ، ويشتري لهم السلاح ، وكان بصيراً ومن فرسان العرب ووجوه الشيعة . وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم ، وهو أوّل داخل وآخر خارج ، حتّى فهم ما احتاج إليه ابن زياد من أمرهم ، وكان يخبره به وقتاً فوقتاً .

وخاف هانئ بن عروة عبيدَ اللَّه بن زياد على نفسه ، فانقطع من حضور مجلسه وتمارض ، فقال ابن زياد لجلسائه : ما لي لا أرى هانئاً؟ فقالوا : هو ۲شاكٍ . فقال : لو علمت بمرضه لعدته ، ودعا محمّد بن الأشعث وأسماء بن خارجة وعمرو بن

1.۲ / ۴۶

2.۲ / ۴۷


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
168

وأصبح فنادى في الناس : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فخرج إليهم فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : أما بعد؛ فإنّ أمير المؤمنين ولاّني مصركم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بإنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم ، والإحسان إلى سامعكم ومطيعكم كالوالد البرّ ، وسوطي وسيفي على مَن ترك أمري وخالف عهدي ، فليُبقِ امرؤ على نفسه ، الصدق ينبي عنك لا الوعيد .

ثمّ نزل فأخذ العرفاء۱ والناس أخذاً شديداً فقال : اكتبوا إلى العرفاء ۲ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين ، ومن فيكم من الحرورية وأهل الريب ، الذين رأيهم الخلاف والشقاق ، فمن يجي‏ء بهم لنا فبرئ ، ومن لم يكتب لنا أحداً فليضمن لنا ما في عرافته ألّا يخالفنا منهم مخالف ، ولا يبغِ علينا منهم باغ ، فمن لم يفعل برئت منه الذمّة ، وحلال لنا دمه وماله ، وأيّما عريف وجد في عرافته من بُغيَةِ أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا ، صلب على باب داره ، وألغيت تلك العرافة من العطاء .

ولمّا سمع مسلم بن عقيل رحمه اللّه بمجي‏ء عبيد اللَّه بن زياد الكوفة ، ومقالته التي قالها ، وما أخذ به العرفاء والناس ، خرج من دار المختار حتّى انتهى إلى دار هانئ بن عروة فدخلها ، وأخذت الشيعة تختلف إليه في دار هانئ على تستّر واستخفاء من عبيد اللَّه ، وتواصوا بالكتمان .

فدعا ابن زياد مولى له يقال له : معقل ، فقال : خذ ثلاثة آلاف درهم ، ثمّ اطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه ، فإذا ظفرت بواحد منهم أو جماعة فأعطهم هذه الثلاثة آلاف درهم ، وقل لهم : استعينوا بها على حرب عدوّكم ، وأعلمهم أنّك منهم ، فإنّك لو قد أعطيتها إيّاهم لقد اطمأنّوا إليك ، ووثقوا بك ، ولم يكتموك شيئاً من أخبارهم ، ثمّ اغدُ عليهم ورح حتّى تعرف مستقرّ مسلم بن عقيل ، وتدخل عليه .

ففعل ذلك وجاء حتّى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم

1.العرفاء : جمع عريف ، وهو القَيّم باُمور القبيلة أو الجماعة من الناس ، يلي اُمورهم ، ويتعرّف الأمير منه أحوالهم ، وهو دون الرئيس (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۲۰۰ (عرف)» .

2.۲ / ۴۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8483
صفحه از 512
پرینت  ارسال به