17
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

رأياً وأحزمه عملاً حين تستقبل الاُمور استقبالاً ، ولا تكون الاُمور عليك‏أبداً أشكل منها حين تستدبرها استدباراً .

قال : يا أخي ، قد نصحت فأشفقت ، فأرجو أن يكون رأيك سديداً موفّقاً .

قال أبو مخنف : وحدّثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق ، عن أبي سعد المقبري ، قال : نظرت إلى الحسين داخلاً مسجد المدينة ، وأنّه ليمشي وهو معتمد على رجلين ، يعتمد على هذا مرّة وعلى هذا مرّة ، وهو يتمثّل بقول ابن مفرغ :

لا ذَعَرتُ السوامَ في فَلَق الصبحِ‏مُغيراً ولا دُعيتُ يَزيدا
يَومَ اُعطَى من المهابةِ ضَيماًوالمنايا يَرصُدَنني أن أحيدا
قال : فقلت في نفسي : واللَّه ، ما تمثّل بهذين البيتين إلّا لشي‏ء يريد ، قال : فما مكث إلّا يومين حتّى بلغني أنّه سار إلى مكّة .
ثمّ إنّ الوليد بعث إلى عبداللَّه بن عمر فقال : بايع ليزيد ، فقال : إذا بايع الناس بايعت ، فقال رجل : ما يمنعك أن تبايع؟ إنّما تريد أن يختلف الناس فيقتتلوا ويتفانوا ، فإذا جهدهم ذلك قالوا : عليكم بعبداللَّه بن عمر ، لم يبق غيره ، بايعوه! قال عبداللَّه : ما اُحبّ أن يقتتلوا ولا يختلفوا ولا يتفانوا ، ولكن إذا بايع الناس ولم يبقَ غيري بايعت ، قال : فتركوه وكانوا لا يتخوّفونه .

قال :۱ ومضى ابن الزبير حتّى أتى مكّة وعليها عمرو بن سعيد ، فلمّا دخل مكّة قال : إنّما أنا عائذ ، ولم يكن يصلّي بصلاتهم ، ولا يفيض بإفاضتهم ، كان يقف هو وأصحابه ناحية ، ثمّ يفيض بهم وحده ، ويصلّي بهم وحده .
قال : فلمّا سار الحسين نحو مكّة ، قال : «فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِ‏ّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» ، فلمّا دخل مكّة قال : «وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى‏ رَبِّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاءَ السَّبِيلِ»

1.۵ / ۳۴۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
16

ثمّ بعث الرجال إلى حسين عند المساء فقال : أصبحوا ، ثمّ ترون ونرى ، فكفّوا عنه تلك الليلة ، ولم يلحّوا عليه ، فخرج حسين من تحت ليلته ، وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستّين .

وكان مخرج ابن الزبير قبله بليلة ، خرج ليلة السبت ، فأخذ طريق الفرع ، فبينا عبداللَّه بن الزبير يساير أخاه جعفراً إذ تمثّل جعفر بقول صبرة الحنظلي :

وكلّ بني اُمّ سَيُمسُون ليلةًولم يَبقَ من أعقابِهم غَيرُ واحد
فقال عبداللَّه : سبحان اللَّه! ما أردت إلى ما أسمع يا أخي؟! قال : واللَّه يا أخي ، ما أردت به شيئاً ممّا تكره ، فقال : فذاك واللَّه أكره إليَّ أن يكون جاء على لسانك من غير تعمّد - قال : وكأنّه تطيّر منه .
وأمّا الحسين فإنّه خرج ببنيه وإخوته وبني أخيه وجلّ أهل بيته ، إلّا محمّد بن الحنفية ، فإنّه قال له : يا أخي ، أنت أحبّ الناس إليَّ ، وأعزّهم عليَّ ، ولستَ أدَّخر النصيحة لأحد من الخلق أحقّ بها منك ، تنحّ بتبعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، ثمّ ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك ، فإن بايعوا لك حمدت اللَّه على ذلك ، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص اللَّه بذلك دينك ولا عقلك ، ولا يذهب به مروءتك ولا فضلك ، إنّي أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار وتأتي جماعة من الناس ، فيختلفون بينهم ، فمنهم طائفة معك ، وأخرى عليك ، فيقتتلون فتكون لأوّل الأسنّة ، فإذا خير هذه الاُمّة كلّها نفساً وأباً ، واُمّاً أضيعها دماً وأذلّها أهلاً .

قال ۱له الحسين : فإنّي ذاهب يا أخي ، قال : فانزل مكّة ، فإن اطمأنت بك الدار فسبيل ذلك ، وإن نَبَتْ بك لحقت بالرمال ، وشعف الجبال ، وخرجت من بلد إلى بلد حتّى تنظر إلى ما يصير أمر الناس ، وتعرف عند ذلك الرأي ، فإنّك أصوب ما تكون

1.۵ / ۳۴۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5944
صفحه از 512
پرینت  ارسال به