الفصل الثاني : مقتل سيّد الشهداء برواية كتاب الإرشاد للمفيد
الإرشاد لأبي عبد اللَّه محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي (ت ۴۱۳ ه . ق) المعروف بالشيخ المفيد ، من أبرز شخصيّات الشيعة منذ القديم وحتّى اليوم . واستطاع بفضل نبوغه ومواهبه الإلهيّة ومثابرته المستمرّة ليلاً ونهاراً ، وبفضل وجوده في المركز العلمي الكبير بغداد ، أن يبرز باعتباره متكلّماً ، فقيهاً ، محدّثاً ، وأن يتولّى الزعامة العلمية للشيعة ، ويؤسّس خطّ الاعتدال والتشيّع الحقيقي في خِضمّ الغلوّ والتقصير والنزاع بين الفرقتين المتنازعتين ، بسبب الولاء للمذهب الشيعيّ أو المذهب السنّي .
ورغم أنّ الشيخ المفيد كان غزير التأليف حيث ألّف أكثر من مئتي كتاب بين صغير وكبير ، إلّا أنّ مؤلّفاته تتمتّع بمكانة ورصانة خاصّة ، حيث اعتمد فيها على مصادر أساسيّة في علوم ، مثل : الكلام والعقائد ، والفقه ، والحديث ، والسيرة . وكتابه المهمّ والشهير الإرشاد في معرفة حجج اللَّه على العباد يضمّ تراجم جميع أئمّة الشيعة ، وقد ألّفه في السنوات الأخيرة من عمره بعد حوالي سبعين عاماً قضاها في تلقّي العلم وتربية الطلاب والبحث والمناظرة .
وقد استطاع المفيد رحمه اللّه من خلال الاستناد إلى مصادر ؛ مثل : مقتل أبي مخنف وهشام الكلبي ، وكذلك تاريخ الطبري والمدائني التي كانت في متناوله ، ونقل عنها بشكل مباشر أو غير مباشر ، وكذلك عن طريق سلسلة إسناده إلى المؤرّخين