139
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

منهنّ ذلك اليوم ، واللَّه لهنّ أحسن من مَهَا۱يَبرِينَ .

قال : فما نسيت من الأشياء ، لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرّت بأخيها الحسين صريعاً وهي تقول : يا محمّداه! يا محمّداه! صلّى عليك ملائكة السماء ، هذا الحسين بالعراء! مرمّل بالدماء! مقطّع الأعضاء! يا محمّداه! وبناتك سبايا! وذرّيّتك مقتّلة ، تسفي عليها الصبا! قال : فأبكت واللَّه كلّ عدوّ وصديق .

قال : وقطف رؤوس الباقين ، فسرّح باثنين وسبعين رأساً مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج وعزرة بن قيس ، فأقبلوا حتّى قدموا بها على عبيد اللَّه بن زياد .
قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : دعاني عمر بن سعد فسرّحني إلى أهله لاُبشّرهم بفتح اللَّه عليه وبعافيته ، فأقبلت حتّى أتيت أهله ، فأعلمتهم ذلك ، ثمّ أقبلت حتّى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس ، وأجد الوفد قد قدموا عليه ، فأدخلهم ، وأذّن للناس ، فدخلت فيمن دخل ، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه ، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة .

فلمّا رآه زيد بن أرقم : لا ينجم عن نكته بالقضيب ، قال له : اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين ، فو الذي لا إله غيره ، لقد رأيت شفتي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله على هاتين الشفتين يقبّلهما ، ثمّ انفضخ الشيخ يبكي .
فقال له ابن زياد : أبكى اللَّه عينيك! فو اللَّه ، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك .

قال : فنهض فخرج ، فلمّا خرج سمعت الناس يقولون : واللَّه ، لقد قال زيد بن أرقم قولاً لو سمعه ابن زياد لقتله ، قال : فقلت : ما قال؟ قالوا : مرّ بنا وهو يقول : ملّك عبدٌ عبداً ، فاتّخذهم تلداً ، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابنَ

1.المها : البلّور (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۲۹۹ «مهو)» .


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
138

و قتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون رجلاً سوى الجرحى ، فصلّى عليهم عمر بن سعد ودفنهم .
قال : وما هو إلّا أن قتل الحسين ، فسرّح برأسه من يومه ذلك مع خوليّ بن يزيد وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد اللَّه بن زياد ، فأقبل به خوليّ ، فأراد القصر ، فوجد باب القصر مغلقاً ، فأتى منزله فوضعه تحت إجانة في منزله ، وله امرأتان : امرأة من بني أسد ، والاُخرى من الحضرميّين يقال لها : النوار ابنة مالك بن عقرب ، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية .

قال هشام : فحدّثني أبي ، عن النوار بنت مالك ، قالت : أقبل خوليّ برأس الحسين ، فوضعه تحت إجانة في الدار ، ثمّ دخل البيت ، فأوى إلى فراشه ، فقلت له : ما الخبر؟ ما عندك؟ قال : جئتك بغنى الدهر ، هذا رأس الحسين معكِ في الدار ، قالت : فقلت : ويلك ، جاء الناس بالذهب والفضّة ، وجئت برأس ابن رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ؟! لا واللَّه ، لا يجمع رأسي و رأسك بيت أبداً ، قالت : فقمت من فراشي ، فخرجت إلى الدار ، فدعا الأسدية فأدخلها إليه ، و جلست انظر ، قالت : فو اللَّه ، ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الإجانة ، ورأيت طيراً بيضاً ترفرف حولها .
قال : فلمّا أصبح غدا بالراس إلى عبيد اللَّه بن زياد .

و أقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد ، ثمّ أمر حميد بن بكير الأحمري فأذّن في الناس بالرحيل إلى الكوفة ، وحمل معه بنات الحسين وأخواته ومن كان معه من الصبيان ، وعليّ ابن الحسين مريض .

قال أبو مخنف : فحدّثني أبو زهير العبسي ، عن قرّة بن قيس التميمي ، ۱قال : نظرت إلى تلك النسوة لمّا مررن بحسين وأهله وولده صحن ولطمن وجوههنّ ، قال : فاعترضتهنّ على فرس ، فما رأيت منظراً من نسوة قطّ كان أحسن من منظر رأيته

1.۵ / ۴۵۶

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6174
صفحه از 512
پرینت  ارسال به