منهنّ ذلك اليوم ، واللَّه لهنّ أحسن من مَهَا۱يَبرِينَ .
قال : فما نسيت من الأشياء ، لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرّت بأخيها الحسين صريعاً وهي تقول : يا محمّداه! يا محمّداه! صلّى عليك ملائكة السماء ، هذا الحسين بالعراء! مرمّل بالدماء! مقطّع الأعضاء! يا محمّداه! وبناتك سبايا! وذرّيّتك مقتّلة ، تسفي عليها الصبا! قال : فأبكت واللَّه كلّ عدوّ وصديق .
قال : وقطف رؤوس الباقين ، فسرّح باثنين وسبعين رأساً مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج وعزرة بن قيس ، فأقبلوا حتّى قدموا بها على عبيد اللَّه بن زياد .
قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : دعاني عمر بن سعد فسرّحني إلى أهله لاُبشّرهم بفتح اللَّه عليه وبعافيته ، فأقبلت حتّى أتيت أهله ، فأعلمتهم ذلك ، ثمّ أقبلت حتّى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس ، وأجد الوفد قد قدموا عليه ، فأدخلهم ، وأذّن للناس ، فدخلت فيمن دخل ، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه ، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة .
فلمّا رآه زيد بن أرقم : لا ينجم عن نكته بالقضيب ، قال له : اعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين ، فو الذي لا إله غيره ، لقد رأيت شفتي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله على هاتين الشفتين يقبّلهما ، ثمّ انفضخ الشيخ يبكي .
فقال له ابن زياد : أبكى اللَّه عينيك! فو اللَّه ، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك .
قال : فنهض فخرج ، فلمّا خرج سمعت الناس يقولون : واللَّه ، لقد قال زيد بن أرقم قولاً لو سمعه ابن زياد لقتله ، قال : فقلت : ما قال؟ قالوا : مرّ بنا وهو يقول : ملّك عبدٌ عبداً ، فاتّخذهم تلداً ، أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابنَ