اللّهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً ، واجعلهم طرائقَ قدداً ، ولا ترض عنهم الولاة أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ، فعدوا علينا فقتلونا .
قال : وضارب الرجّالة حتّى انكشفوا عنه ، قال : ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة ، دعا بسراويل محقّقة يلمع فيها البصر ، يماني محقّق ، ففزره ونكثه لكيلا يسلبه ، فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تُبّاناً! قال : ذلك ثوب مذلّة ، ولا ينبغي لي أن ألبسه ، قال : فلمّا قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجرّداً .
قال أبو مخنف : فحدّثني عمرو بن شعيب ، عن محمّد بن عبد الرحمن أنّ يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كأنّهما عود .
قال أبو مخنف : عن الحجّاج ، عن عبداللَّه بن عمّار بن عبد يغوث البارقي ، ۱وعُتِبَ على عبداللَّه بن عمّار بعد ذلك مشهده قتل الحسين ، فقال عبداللَّه بن عمّار : إنّ لي عند بني هاشم ليداً ، قلنا له : وما يدك عندهم؟ قال : حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه ، فو اللَّه ، لو شئت لطعنته ، ثمّ انصرفتُ عنه غير بعيد ، وقلت : ما أصنع بأن أتولّى قتله! يقتله غيري .
قال : فشدّ عليه رجّالة ممّن عن يمينه وشماله ، فحمل على مَن عن يمينه حتّى ابذعرُّوا ، وعلى مَن عن شمالهِ حتّى ابذعرّوا ، وعليه قميص له من خزّ وهو معتمّ ، قال : فو اللَّه ، ما رأيت مكسوراً قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ، ولا أمضى جناناً ، ولا أجرأ مقدماً منه ، واللَّه ، ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، أن كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب .
قال : فو اللَّه ، إنّه لكذلك إذ خرجت زينب ابنة فاطمة اُخته ، وكأنّي أنظر إلى قرطها يجول بين أذنيها وعاتقها ، وهي تقول : ليت السماء تطابقت على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد من حسين ، فقالت : يا عمر بن سعد ، أيقتل أبو عبداللَّه وأنت تنظر إليه؟!
قال : فكأنّي أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خدّيه ولحيته ، قال : وصرف