135
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

بوجهه عنها .

قال أبو مخنف : حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال : كانت عليه جبّة من خزّ ، وكان معتمّاً ، وكان مخضوباً بالوسمة ، قال : وسمعته يقول قبل أن يُقتل ، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع يتّقي الرمية ، ويفترص ۱ العورة ، ويشدّ على الخيل ، وهو يقول : أعلى قتلي تَحاثّون؟! أما واللَّه ، لا تقتلون بعدي عبداً من عباد اللَّهِ اللَّهُ أسخط عليكم لقتله منّي ، وأيم اللَّه ، إنّي لأرجو أن يكرمني اللَّه بهوانكم ، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون ، أما واللَّه ، أن لو قد قتلتموني لقد ألقى اللَّه بأسكم بينكم ، وسفك دماءكم ، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يضاعف لكم العذاب الأليم .

قال : ولقد مكث طويلاً من النهار ولو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا ، ولكنّهم كان يتّقى بعضهم ببعض ، ويحبّ هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء .

قال : ۲فنادى شمر في الناس : ويحكم! ماذا تنظرون بالرجل؟! اقتلوه ثكلتكم اُمّهاتكم!
قال : فحمل عليه من كلّ جانب ، فضربت كفّه اليسرى ضربة ، ضربها زرعة بن شريك التميمي ، وضرب على عاتقه ، ثمّ انصرفوا وهو ينوء ويكبو .

قال : وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي ، فطعنه بالرمح فوقع .
ثمّ قال لخوليّ بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه ، فأراد أن يفعل ، فضعف فأرعد ، فقال له سنان بن أنس : فتَّ اللَّهُ عضديك ، وأبانَ يديك! فنزل إليه فذبحه واحتزّ رأسه ، ثمّ دفع إلى خوليّ بن يزيد ، وقد ضرب قبل ذلك بالسيوف .

قال أبو مخنف عن جعفر بن محمّد بن عليّ ، قال : وجد بالحسين عليه السلام حين قُتل

1.افترص العورة : انتهزها (لسان العرب : ج ۷ ص ۶۵ «فرص)» .

2.۵ / ۴۵۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
134

اللّهمّ فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً ، واجعلهم طرائقَ قدداً ، ولا ترض عنهم الولاة أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ، فعدوا علينا فقتلونا .

قال : وضارب الرجّالة حتّى انكشفوا عنه ، قال : ولما بقي الحسين في ثلاثة رهط أو أربعة ، دعا بسراويل محقّقة يلمع فيها البصر ، يماني محقّق ، ففزره ونكثه لكيلا يسلبه ، فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تُبّاناً! قال : ذلك ثوب مذلّة ، ولا ينبغي لي أن ألبسه ، قال : فلمّا قتل أقبل بحر بن كعب فسلبه إياه فتركه مجرّداً .
قال أبو مخنف : فحدّثني عمرو بن شعيب ، عن محمّد بن عبد الرحمن أنّ يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كأنّهما عود .

قال أبو مخنف : عن الحجّاج ، عن عبداللَّه بن عمّار بن عبد يغوث البارقي ، ۱وعُتِبَ على عبداللَّه بن عمّار بعد ذلك مشهده قتل الحسين ، فقال عبداللَّه بن عمّار : إنّ لي عند بني هاشم ليداً ، قلنا له : وما يدك عندهم؟ قال : حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه ، فو اللَّه ، لو شئت لطعنته ، ثمّ انصرفتُ عنه غير بعيد ، وقلت : ما أصنع بأن أتولّى قتله! يقتله غيري .

قال : فشدّ عليه رجّالة ممّن عن يمينه وشماله ، فحمل على مَن عن يمينه حتّى ابذعرُّوا ، وعلى مَن عن شمالهِ حتّى ابذعرّوا ، وعليه قميص له من خزّ وهو معتمّ ، قال : فو اللَّه ، ما رأيت مكسوراً قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ، ولا أمضى جناناً ، ولا أجرأ مقدماً منه ، واللَّه ، ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، أن كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب .

قال : فو اللَّه ، إنّه لكذلك إذ خرجت زينب ابنة فاطمة اُخته ، وكأنّي أنظر إلى قرطها يجول بين أذنيها وعاتقها ، وهي تقول : ليت السماء تطابقت على الأرض! وقد دنا عمر بن سعد من حسين ، فقالت : يا عمر بن سعد ، أيقتل أبو عبداللَّه وأنت تنظر إليه؟!

قال : فكأنّي أنظر إلى دموع عمر وهي تسيل على خدّيه ولحيته ، قال : وصرف

1.۵ / ۴۵۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6223
صفحه از 512
پرینت  ارسال به