فقال الحسين : ويلكم! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا في أمر دنياكم أحراراً ذوي أحساب ، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهّالكم ، فقال ابن ذي الجوشن : ذلك لك يا بن فاطمة .
قال : وأقدم عليه بالرجّالة ، منهم أبو الجنوب - واسمه عبد الرحمن الجعفي - والقشعم بن عمرو بن يزيد الجعفي ، وصالح بن وهب اليزني ، وسنان بن أنس النخعي ، وخوليّ بن يزيد الأصبحي ، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرّضهم ، فمرّ بأبي الجنوب وهو شاكٍ في السلاح فقال له : أقدم عليه ، قال : وما يمنعك أن تقدم عليه أنت؟ فقال له شمر : إليَّ تقول ذا؟ قال : وأنت لِي تقول ذا؟ فاستبّا ، فقال له أبو الجنوب - وكان شجاعاً : واللَّه ، لهممت أن أخضخض السنان في عينك .
قال : فانصرف عنه شمر وقال : واللَّه ، لئن قدرت على أن أضرّك لأضرّنّك .
قال : ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجّالة نحو الحسين ، فأخذ الحسين يشدّ عليهم فينكشفون عنه .
ثمّ إنّهم أحاطوا به إحاطة ، وأقبل إلى الحسين غلامٌ من أهله ، فأخذته اُخته ۱زينب ابنة عليّ لتحبسه ، فقال لها الحسين : احبسيه ، فأبى الغلام ، وجاء يشتدّ إلى الحسين ، فقام إلى جنبه ، قال : وقد أهوى بحر بن كعب بن عبيد اللَّه - من بني تيم اللَّه بن ثعلبه بن عكابة - إلي الحسين بالسيف ، فقال الغلام :
يا بن الخبيثة ، أ تقتل عمي؟! فضربه بالسيف ، فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلّا الجلدة ، فإذا يده معلّقة ، فنادى الغلام : يا اُمّتاه! فأخذه الحسين فضمّه إلى صدره ، وقال : يا بن أخي ، اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ، فإنّ اللَّه يلحقك بآبائك الصالحين ، برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله وعليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن بن عليّ صلى اللَّه عليهم أجمعين .
قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : سمعت الحسين يومئذ وهو يقول : اللّهمّ أمسك عنهم قطر السماء ، وامنعهم بركات الأرض ،