لدن المرفق ، فصاح ، ثمّ تنحّى عنه ، وحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمراً من حسين ، فاستقبلت عمراً بصدورها ، فحرّكت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه ، فوطئته حتّى مات .
و انجلت الغبرة ، فإذا أنا بالحسين قائم على رأس الغلام ، والغلام يفحص برجليه ، وحسين يقول : بعداً لقوم قتلوك ، ومَن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك! ثمّ قال : عزّ - واللَّه - على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبكثمّ لا ينفعك! صوت واللَّه كثر واتره ، وقلّ ناصره! ثمّ احتمله فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض ، ۱وقد وضع حسين صدره على صدره ، قال : فقلت في نفسي : ما يصنع به؟! فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه عليّ بن الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته ، فسألت عن الغلام ، فقيل : هو القاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب .
قال : ومكث الحسين طويلاً من النهار كلّما انتهى إليه رجل من الناس انصرف عنه ، وكره أن يتولّى قتله وعظيم إثمه عليه .
قال : وإنّ رجلاً من كنده يقال له : مالك بن النسير من بني بداء ، أتاه فَضَرَبه على رأسه بالسيف ، وعليه بُرنس له ، فقطع البرنس ، وأصاب السيف رأسه ، فأدمى رأسه ، فامتلأ البرنس دماً .
فقال له الحسين : لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك اللَّه مع الظالمين! قال : فألقى ذلك البرنس ، ثمّ دعا بقلنسوه فلبسها ، واعتمّ ، وقد أعيا وبلد ، وجاء الكندي حتّى أخذ البرنس - و كان من خزّ - فلمّا قدم به بعد ذلك على امرأته اُمّ عبداللَّه ابنة الحرّ اُخت حسين بن الحرّ البدي ، أقبل يغسل البرنس من الدم ، فقالت له امرأته : أَسَلَبَ ابنِ بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله تدخل بيتي؟! أخرجه عنّي ، فذكر أصحابه أنّه لم يزل فقيراً بشرّ حتّى مات ، قال : و لمّا قعد الحسين اُتي بصبّي له فأجلسه في حجره ، زعموا أنّه عبداللَّه بن الحسين .
قال أبو مخنف : قال عقبة بن بشير الأسدي : قال لي أبو جعفر محمّد بن عليّ بن