قال : سماع اُذني يومئذ من الحسين يقول : قتل اللَّه قوماً قتلوك يا بنيّ! ما أجرأهم على الرحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفاء .
قال : وكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي : يا اُخيّاه! ويا بن اُخياّه! قال : فسألت عليها ، فقيل : هذه زينب ابنة فاطمة ابنة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ، فجاءت حتّى أكبّت عليه ، فجاءها ۱الحسين فأخذ بيدها فردّها إلى الفسطاط ، وأقبل الحسين إلى ابنه ، وأقبل فتيانه إليه ، فقال : احملوا أخاكم ، فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه .
قال : ثمّ إنّ عمرو بن صبيح الصدائي رمى عبداللَّه بن مسلم بن عقيل بسهم فوضع كفّه على جبهته ، فأخذ لا يستطيع أن يحرّك كفّيه ، ثمّ انتحى له بسهم آخر ففلق قلبه ، فاعتَوَرَهم الناس من كلّ جانب ، فحمل عبداللَّه بن قطبة الطائي ثمّ النبهاني على عون بن عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب فقتله ، وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمّد بن عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب فقتله ، قال : وشدّ عثمان بن خالد بن أسير الجهني ، وبشر بن سوط الهمداني ثمّ القابضي على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب فقتلاه ، ورمى عبداللَّه بن عزرة الخثعمي جعفر بن عقيل بن أبي طالب فقتله .
قال أبو مخنف : حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال : خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر ، في يده السيف ، عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسعُ أحدهما ما أنسى أنها اليسرى ، فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي : واللَّه ، لأشدّنّ عليه ، فقلت له : سبحان اللَّه! وما تريد إلى ذلك؟! يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم ، قال : فقال : واللَّه ، لأشدّنّ عليه ، فشدّ عليه فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف ، فوقع الغلام لوجهه ، فقال : يا عمّاه! قال : فجلَّى الحسين كما يجلّي الصقر ، ثمّ شدّ شدّة ليث غضب ، فضرب عمراً بالسيف ، فاتّقاه بالساعد ، فأطنّها من