127
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قال : لمّا رأيت أصحاب الحسين قد اُصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ، ولم يبقَ معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي ، قلت له : يا بن رسول اللَّه ، قد علمت ما كان بيني وبينك ، قلت لك : اُقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً ، فإذا لم أرَ مقاتلاً ، فأنا في حلّ من الانصراف ، فقلت لي : نعم ، قال : فقال : صدقت ، وكيف لك ۱بالنجاء؟! إن قدرت على ذلك فأنت في حلّ ، قال : فأقبلت إلى فرسي وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت ، وأقبلت اُقاتل معهم راجلاً ، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين ، وقطعت يد آخر ، وقال لي الحسين يومئذ مراراً : لا تشلل ، لا يقطع اللَّه يدك ، جزاك اللَّه خيراً عن أهل بيت نبيّك صلى اللّه عليه و آله !

فلمّا أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ، ثمّ استويت على متنها ، ثمّ ضربتها حتّى إذا قامت على السنابك‏رميت بها عرض القوم ، فأفرجوا لي ، واتّبعني منهم خمسة عشر رجلاً حتّى انتهيت إلى شُفَيَّة ، قرية قريبة من شاطئ الفرات ، فلمّا لحقوني عطفت عليهم ، فعرفني كثير بن عبداللَّه الشعبي وأيّوب بن مشرح الخيواني وقيس بن عبداللَّه الصائدي ، فقالوا : هذا الضحّاك بن عبداللَّه المشرقي ، هذا ابن عمّنا ، ننشدكم اللَّه لمّا كففتم عنه! فقال ثلاثة نفر من بني تميم كانوا معهم : بلى واللَّه ، لنجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم ، قال : فلمّا تابع التميميّون أصحابي كفّ الآخرون ، قال : فنجّاني اللَّه .

قال أبو مخنف : حدّثني فضيل بن خديج الكندي أنّ يزيد بن زياد وهو أبو الشعثاء الكندي من بني بهدلة جثا على ركبتيه بين يدي الحسين ، فرمى بمئة سهم ما سقط منها خمسة أسهم ، وكان رامياً ، فكان كلمّا رمى قال :
أنا ابن بهدلة ، فرسان العرجلة ، ويقول حسين : اللّهمّ سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنّة ، فلمّا رمى بها قام فقال : ما سقط منها إلّا خمسة أسهم ، ولقد تبيّن لي أنّي قد قتلت خمسة نفر ، وكان في أوّل مَن قتل ، وكان رجزه يومئذ :

1.۵ / ۴۴۵


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
126

شوذب ، ما في نفسك أن تصنع؟ قال : ما أصنع! اُقاتل معك دون ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله حتّى اُقتل ، قال : ذلك الظنّ بك ، أمّا لا فتقدّم بين يدي أبي عبداللَّه حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه ، وحتّى أحتسبك أنا ، فإنّه لو كان معي الساعة أحدٌ أنا أولى ۱به منّي بك لسرّني أن يتقدّم بين يدي حتّى أحتسبه ، فإنّ هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكلّ ما قدرنا عليه ، فإنّه لا عمل بعد اليوم ، وإنّما هو الحساب ، قال : فتقدّم فسلّم على الحسين ، ثمّ مضى فقاتل حتّى قُتل .

ثمّ قال عابس بن أبي شبيب : يا أبا عبداللَّه ، أما واللَّه ، ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليَّ منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشي‏ء أعزّ على من نفسي ودمي لفعلته ، السلام عليك يا أبا عبداللَّه ، اُشهد اللَّه أنّي على هديك وهدي أبيك ، ثمّ مشى بالسيف مصلتاً نحوهم وبه ضربة على جبينه .

قال أبو مخنف : حدّثني نمير بن وعلة ، عن رجل من بني عبد من همدان يقال له : ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم ، قال : لمّا رأيته مقبلاً عرفته وقد شاهدته في المغازي ، وكان أشجع الناس ، فقلت : أيّها الناس ، هذا الأسد الأسود ، هذا ابن أبي شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم ، فأخذ ينادي :
ألا رجل لرجل؟! فقال عمر بن سعد : ارضخوه بالحجارة ، قال : فَرُمي بالحجارة من كلّ جانب ، فلمّا رأى ذلك‏ألقى درعَهُ ومِغفرَه ، ثمّ شدّ على الناس ، فو اللَّه ، لرأيته يكرُد۲أكثر من مئتين من الناس ، ثمّ إنّهم تعطّفوا عليه من كلّ جانب ، فَقُتل .

قال : فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدّة ، هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول : أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد فقال : لا تختصموا ، هذا لم يقتله سنان واحد ، ففرّق بينهم بهذا القول .

قال أبو مخنف : حدّثني عبداللَّه بن عاصم ، عن الضحّاك بن عبداللَّه المشرقي ،

1.۵ / ۴۴۴

2.يكرُد : أي يطرد (اُنظر : العين : ج ۵ ص ۳۲۶ «كرد)» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6299
صفحه از 512
پرینت  ارسال به