قال : وجاء الفتيان الجابريّان : سيف بن الحارث بن سريع ، ومالك بن عبد بن سريع ، وهما ابنا عمّ ، وأخَوان لاُمّ ، فأتيا حسيناً فدنوا منه وهما ۱يبكيان .
فقال : أي ابني أخي ، ما يبكيكما؟ فو اللَّه ، إنّي لأرجو أن تكونا عن ساعة قريري عين ، قالا : جعلنا اللَّه فداك! لا واللَّه ، ما على أنفسنا نبكي ، ولكنا نبكي عليك ، نراك قد اَُحيط بك ، ولا نقدر على أن نمنعك .
فقال : جزاكما اللَّه يا بني أخي بوجدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي بأنفسكما أحسن جزاء المتّقين .
قال : وجاء حنظلة بن أسعد الشبامي ، فقام بين يدي حسين ، فأخذ ينادي : «يَقَوْمِ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عَادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ * وَ يَقَوْمِ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَ مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» يا قوم ، تقتلوا حسيناً فيسحتكم اللَّه بعذاب «وَ قَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى»
فقال له حسين : يا بن أسعد ، رحمك اللَّه ، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحقّ ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك ، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين؟!
قال : صدقت ، جعلت فداك! أنت أفقه منّي وأحقّ بذلك ، أفلا نروح إلى الآخرة ونلحق بإخواننا؟
فقال : رُح إلى خير من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا يبلى ، فقال : السلام عليك أبا عبداللَّه ، صلّى اللَّه عليك وعلى أهل بيتك ، وعرّف بيننا وبينك في جنّته ، فقال : آمين آمين ، فاستقدم فقاتل حتّى قُتِلَ .
قال : ثمّ استقدم الفتيان الجابريّان يلتفتان إلى حسين ويقولان : السلام عليك يا بن رسول اللَّه ، فقال : وعليكما السلام ورحمة اللَّه ، فقاتلا حتّى قُتِلا .
قال : وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر ، فقال : يا