119
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أصحاب الحسين ، وقاتلهم أصحاب الحسين قتالاً شديداً ، وأخذت خيلهم تحمل وإنّما هم اثنان وثلاثون فارساً ، وأخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلّا كشفته ، فلمّا رأى ذلك عزرة بن قيس - وهو على خيل أهل الكوفة - أنّ خيله تنكشف من كلّ جانب ، بعث إلى عمر بن سعد عبد الرحمن بن حصن ، فقال : أ ما ترى ما تلقى خيلي مذ اليوم من هذه العدّة اليسيرة! ابعث إليهم الرجال والرماة .
فقال لشبث بن ربعي : ألا تقدم إليهم؟ فقال : سبحان اللَّه! أ تعمد إلى شيخ مضر وأهل المصر عامّة تبعثه في الرماه؟! لم تجد من تندب لهذا ويجزئ عنك غيري! قال : وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله .

قال : وقال أبو زهير العبسي : فأنا سمعته في إمارة مصعب ۱يقول : لا يعطي اللَّه أهل هذا المصر خيراً أبداً ، ولا يسدّدهم لرشد ، أ لا تعجبون أنّا قاتلنا مع عليّ بن أبي طالب ، ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ، ثمّ عدونا على ابنه وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سميّة الزانية؟! ضلال يا لكَ من ضلال! قال : ودعا عمر بن سعد الحصين بن تميم ، فبعث معه المجفّفة وخمسمئة من المرامية ، فأقبلوا حتّى إذا دنوا من الحسين وأصحابه رشقوهم بالنبل ، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم ، وصاروا رجّالة كلّهم .

قال أبو مخنف : حدّثني نمير بن وعلة أنّ أيّوب بن مشرح الخيواني كان يقول : أنا واللَّه عقرت بالحرّ بن يزيد فرسه ، حشأتُه سهماً ، فما لبث أن أرعد الفرس واضطرب وكبا ، فوثَب عنه الحرّ كأنّه ليث والسيف في يده وهو يقول :

إن تَعقِروا بي فأنا ابنُ الحُرِّأَشجَعُ مِن ذي لِبَدٍ هَزبرِ
قال : فما رأيت أحداً قطّ يفري فريَهُ ، قال : فقال له أشياخ من الحيّ : أنت قتلته؟ قال : لا واللَّه ، ما أنا قتلته ، ولكن قتله غيري ، وما اُحبّ أنّي قتلته ، فقال له أبو الوداك : ولِمَ؟ قال : إنّه كان زعموا من الصالحين ، فو اللَّه ، لئن كان ذلك إثماً لأن ألقى اللَّه بإثم الجراحة والموقف أحبّ إليَّ من أن ألقاه بإثم قتلِ أحدٍ منهم ، فقال له أبو

1.۵ / ۴۳۷


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
118

قال : ثمّ إنّ عمرو بن الحجّاج حمل على الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات ، فاضطربوا ساعة ، فصرع مسلم بن عوسجة الأسدي أوّل أصحاب الحسين ، ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وارتفعت الغبرة ، فإذا هم به صريع ، فمشى إليه الحسين فإذا به رمق ، فقال : رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة ، «فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» .

و دنا منه حبيب بن مظاهر فقال : عزّ عليَّ مصرعك يا مسلم ، ابشر بالجنّة ، فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشرّك اللَّه بخير! فقال له حبيب : لو لا أنّي ۱أعلم أنّي في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه ، لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين .

قال : بل أنا اُوصيك بهذا رحمك اللَّه - وأهوى بيده إلى الحسين - أن تموت دونه ، قال : أفعل وربّ الكعبة ، قال : فما كان بأسرع من أن مات في أيديهم .
و صاحت جارية له فقالت : يا بن عوسجتاه! يا سيّداه! فتنادى أصحاب عمرو بن الحجّاج : قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي ، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه : ثكلتكم اُمّهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّلون أنفسكم لغيركم ، تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والذي أسلمت له لَرُبَّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سلق آذربيجان قتل ستّة من المشركين قبل تتامّ خيول المسلمين ، أ فيقتل منكم مثله وتفرحون؟!

قال : وكان الذي قتل مسلمَ بن عوسجة مسلمُ بن عبداللَّه الضبابي وعبد الرحمن بن أبي خشكارة البجلي .
قال : وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة ، فثبتوا له ، فطاعنوه وأصحابه ، وحمل على حسين وأصحابه من كلّ جانب ، فقتل الكلبي وقد قتل رجلين بعد الرجلين الأوّلين ، وقاتل قتالاً شديداً ، فحمل عليه هانئ بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حيّ التيمي من تيم اللَّه بن ثعلبة ، فقتلاه ، وكان القتيل الثاني من

1.۵ / ۴۳۶

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6338
صفحه از 512
پرینت  ارسال به