115
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

قال : فذهب كعب بن جابر بن عمرو الأزدي ليحمل عليه ، فقلت : إنّ هذا برير بن حضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد ، فحمل عليه بالرمح حتّى وضعه في ظهره ، فلمّا وجد مسّ الرمح برك عليه فعضّ بوجهه ، وقطع طرف أنفه ، فطعنه كعب بن جابر حتّى ألقاه عنه ، وقد غيّب السنان في ظهره ، ثمّ أقبل عليه يضربه بسيفه حتّى قتله ، قال عفيف : كأنّي أنظر إلى العبدي الصريع قام ينفض التراب عن قبائه ، ويقول : أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لن أنساها أبداً .
قال : فقلت : أنت رأيت هذا؟ قال : نعم ، رأى عيني وسمع اُذني .

فلمّا رجع كعب بن جابر قالت له امرأته أو اُخته النوار بنت جابر : ۱أعنت على ابن فاطمة ، وقتلت سيّد القرّاء ، لقد أتيت عظيماً من الأمر ، واللَّه ، لا اُكلّمك من رأسي كلمة أبداً .

و قال كعب بن جابر :

سَلي تُخبَري عنّي وأنتِ ذميمةٌغداةَ حسينٍ والرماحُ شوارعُ‏
أ لم آتِ أقصى ما كرهتِ ولَم يُخِل‏عليَّ غداةَ الروع ما أنا صانعُ‏
معي يَزَنيُّ لم تَخُنه كعوبُهُ‏و أبيضُ مخشوبُ الغِرارين قاطعُ‏ُُ
فَجَرَّدتُه في عُصبة ليس دينُهم‏بديني وإنّي بابن حربٍ لقانعُ‏
و لم تَرَ عيني مِثلَهُم في زمانِهِم‏و لا قَبلَهم في الناسِ إذ أنا يافعُ‏
أَشدَّ قِراعاً بالسيوف لَدى الوَغَى‏أَلا كُلُّ من يحمي الذِمارَ مُقارعُ‏
و قد صَبروا للطَعنِ والضَربِ حُسّراًو قد نازلوا لو أنَّ ذلك نافعُ‏
فأبلغ عبيد اللَّهِ إمّا لقيتَه‏بأنّي مُطيعٌ للخليفةِ سامعُ‏
قَتلتُ بريراً ثمّ حَمَّلتُ نِعمةًأبا مُنقذٍ لمّا دعا : مَن يُماصعُ؟
قال أبو مخنف : حدّثني عبد الرحمان بن جندب ، قال : سمعته في إمارة مصعب بن الزبير ، وهو يقول : يا ربّ ، إنّا قد وفينا ، فلا تجعلنا يا ربّ كمن قد غدر ، فقال له

1.۵ / ۴۳۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
114

وبقي جانبه الآخر متعلّقا بالركاب .

قال : فرجع مسروق وترك الخيل من ورائه ، قال : فسألته ، فقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئاً لا اُقاتلهم أبداً .
قال : ونشب القتال .

قال أبو مخنف : وحدّثني يوسف بن يزيد ، عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس - وكان قد شهد مقتل الحسين - قال : وخرج يزيد بن معقل من بني عميرة بن ربيعة وهو حليف لبني سليمة من عبد القيس فقال : يا برير بن حضير ، كيف ترى اللَّه صَنَعَ بك؟ قال : صَنَعَ اللَّه واللَّه بي خيراً ۱وصنع اللَّه بك شرّاً ، قال : كذبت ، وقبل اليوم ما كنت كذّاباً ، هل تذكر وأنا اُماشيك في بني لوذان وأنت تقول : إنّ عثمان بن عفاّن كان على نفسه مسرفاً ، وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ ، وإنّ إمام الهدى والحقّ عليّ بن أبي طالب؟

فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي ، فقال له يزيد بن معقل : فإنّي أشهد أنّك من الضالّين .
فقال له برير بن حضير : هل لك فلاُباهلك ، ولندعُ اللَّه أن يلعن الكاذب وأن يقتل المبطل ، ثمّ اخرج فلاُبارزك ، قال : فخرجا فرفعا أيديهما إلى اللَّه يدعوانه ان يلعن الكاذب ، وأن يقتل المحقُّ المبطلّ ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه ، فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً ، وضربه برير بن حضير ضربة قدّت المغفر ، وبلغت الدماغ ، فخرّ كأنّما هوى من حالق ، وأنّ سيف ابن حضير لثابتٌ في رأسه ، فكأنّي أنظر إليه ينضنضه‏۲ من رأسه ، وحمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنق بريراً ، فاعتركا ساعة ، ثمّ إنّ بريراً قعد على صدره ، فقال رضي : أين أهل المصاع والدفاع؟

1.۵ / ۴۳۲

2.ينضنضه : أي يحرّكه (اُنظر : لسان العرب : ج ۷ ص ۲۳۸ «نضنض)» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6351
صفحه از 512
پرینت  ارسال به