281
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس

الحكم، مثل هذا الحديث المرويّ عن الإمام الصادق عليه‏السلام، قال:

إنَّ داوُدَ عليه‏السلام قالَ: يا رَبِّ أرَنِي الحَقَّ كَما هُوَ عِندَكَ حَتّى أقضِيَ بِهِ، فَقالَ: إنَّكَ لا تُطِيقُ ذلِكَ، فَأَلَحَّ عَلى رَبِّهِ حَتّى فَعَلَ، فَجاءَهُ رَجُلٌ يَستَعدي عَلى رَجُلٍ، فَقالَ: إِنَّ هذا أَخَذَ مالي. فَأَوحَى اللّه‏ُ عز و جل إِلى داوُدَ عليه‏السلام: أَنَّ هذَا المُستَعدِيَ قَتَلَ أَبا هذا وأَخَذَ مالَهُ. فَأَمَرَ داوُدُ عليه‏السلام بِالمُستَعدِي فَقُتِلَ، وأَخَذَ مالَهُ فَدَفَعَهُ إِلَى المُستَعدى عَلَيهِ.

قَالَ: فَعَجِبَ النّاسُ وتُحَدَّثُوا، حَتّى بَلَغَ داوُدَ عليه‏السلام ودَخَلَ عَلَيهِ مِن ذلِكَ ما كَرِهَ، فَدَعا رَبَّهُ أن يَرفَعَ ذلِكَ، فَفَعَلَ، ثُمَّ أوحَى اللّه‏ُ عز و جل إلَيهِ: أَنِ احكُم بَينَهُم بِالبَيِّنَاتِ، وأَضِفهُم إِلَى اسمِي يَحلِفونَ بِهِ.۱

وجاء في بعض الأحاديث قول اللّه‏ تعالى: «إنّ الناسَ لا يَحتمِلون ذلِك»، كما في الحديث التالي المرويّ عن الإمام الصادق عليه‏السلام أيضاً، قال:

إنَّ داوُدَ عليه‏السلام كانَ يَدعو أَن يُلهِمَهُ اللّه‏ُ القَضاءَ بَينَ النّاسِ بِما هُوَ عِندَهُ تَعالَى الحَقُّ، فَأَوحى إلَيهِ: يا داوُدُ، إِنَّ النّاسَ لا يَحتَمِلونَ ذلِكَ، وإنّي سَأَفعَلُ. وَارتَفَعَ إِلَيهِ رَجُلانِ، فَاستَعداهُ أحَدُهُما عَلَى الآخَرِ، فَأَمَرَ المُستَعدى عَلَيهِ أن يَقومَ إِلَى المُستَعدي فَيَضرِبَ عُنُقَهُ، فَفَعَلَ. فَاستَعظَمَت بَنو إِسرائِيلَ ذلِكَ وقَالَت: رَجُلٌ جاءَ يَتَظَلَّمُ مِن رَجُلٍ، فَأَمَرَ الظَّالِمَ أن يَضرِبَ عُنُقَهُ! فَقالَ: رَبِّ أَنقِذني من هذِهِ الوَرطَةِ.

قالَ: فَأَوحَى اللّه‏ُ تَعَالى إلَيهِ: يا داوُدُ، سَأَلتَني أن أُلهِمَكَ القَضاءَ بَينَ عِبادِي بِما هُوَ عِندِيَ الحَقُّ، وإنَّ هذَا المُستَعدِيَ قَتَلَ أبا هذَا المُستَعدى عَلَيهِ، فَأَمَرتُ فَضَرَبتَ عُنُقَهُ قَوَداً بِأَبيهِ، وهُوَ مَدفونٌ في حائِطِ كَذا وكَذا، تَحتَ صَخرَةِ۲ كَذا، فَائتِهِ فَنادِهِ بِاسمِهِ فَإِنَّهُ سَيُجيبُكَ فَسَلهُ.

قَالَ: فَخَرَجَ داوُدُ عليه‏السلام وقَد فَرِحَ فَرَحاً شَديداً لَم يَفرَح مِثلَهُ، فَقالَ لِبَني إِسرائِيلَ: قَد فَرَّجَ اللّه‏ُ. فَمَشى ومَشَوا مَعَهُ، فَانتَهى إِلىَ الشَّجَرَةِ فَنادى: يا فُلان، فَقالَ: لَبَّيكَ يا نَبِيَّ

1.. الكافي: ج ۷ ص ۴۱۴ ـ ۴۱۵ ح ۳.

2.. في بحار الأنوار: «شجرة».


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
280

فهم الأحاديث المهدويّة:

۱ ـ الاستفادة من علم الغيب الإلهيّ والقضاء على أساسه، وقد ذُكر مصداقه في هذا الحديث المرويّ عن أبي حمزة عن الإمام الباقر عليه‏السلام، قال:

إنَّ داوُدَ عليه‏السلام سَألَ رَبَّهُ أن يُرِيَهُ قَضِيَّةً مِن قَضايَا الآخِرَةِ فَأوحَى اللّه‏ُ عز و جل إلَيهِ: يا داوُدُ، إنَّ الَّذي سَأَلتَني لَم اُطلِع عَلَيهِ أحَداً مِن خَلقي، ولا يَنبَغي لِأَحَدٍ أن يَقضِيَ بِهِ غَيري.

قالَ: فَلَم يَمنَعهُ ذلِكَ أن عادَ فَسَألَ اللّه‏ُ أن يُرِيَهُ قَضِيَّةً مِن قَضايَا الآخِرَةِ.

قالَ: فَأتاهُ جَبرَئيلُ عليه‏السلام فَقالَ لَهُ: يا داوُدُ، لَقَد سَأَلتَ رَبَّكَ شَيئاً لَم يَسألهُ قَبلَكَ نَبِيٌّ! يا داوُدُ، إنَّ الَّذي سَألتَ لَم يُطلِع عَلَيهِ أحَداً مِن خَلقِهِ، ولا يَنبَغي لِأَحَدٍ أن يَقضِيَ بِهِ غَيرُهُ. قَد أجابَ اللّه‏ُ دَعوَتَكَ وأعطاكَ ما سَألتَ. يا داوُدُ، إنَّ أوَّلَ خَصمَينِ يَرِدا عَلَيكَ غَداً القَضِيَّةُ فيهِما مِن قَضايَا الآخِرَةِ.

قالَ: فَلَمّا أصبَحَ داوُدُ عليه‏السلام جَلَسَ في مَجلسِ القَضاءِ، أتاهُ شَيخٌ مُتَعَلِّقٌ بِشابٍّ، ومَعَ الشّابِّ عُنقودٌ مِن عِنَبٍ، فَقالَ لَهُ الشَّيخُ: يا نَبِيَّ اللّه‏ِ، إنَّ هذَا الشّابَّ دَخَلَ بُستاني، وخَرَّبَ كُرمي، وأكَلَ مِنهُ بِغَيرِ إذني، وهذَا العُنقودُ أخَذَهُ بِغَيرِ إذني.

فَقالَ داوُدُ لِلشّابِّ: ما تَقولُ؟ فَأقَرَّ الشّابُّ أنَّهُ قَد فَعَلَ ذلِكَ.

فَأوحَى اللّه‏ُ عز و جل إلَيهِ: يا داوُدُ، إنّي إن كَشَفتُ لَكَ عَن قَضايَا الآخِرَةِ فَقَضَيتَ بِها بَينَ الَّشيخَ وَالغُلامِ لَم يَحتَمِلها قَلبُكَ، ولَم يَرضَ بِها قَومُكَ. يا داوُدُ، إنَّ هذَا الشَّيخَ اقتَحَمَ عَلى أَبي هذَا الغُلامِ في بُستانِهِ فَقَتَلَهُ، وغَصَبَ بُستانَهُ، وأخَذَ مِنهُ أربَعينَ ألفَ دِرهَمٍ فَدَفَنَها في جانِبِ بُستانِهِ، فَادفَع إلَى الشّابِّ سَيفاً ومُرهُ أن يَضرِبَ عُنُقَ الشَّيخِ، وَادفَع إلَيهِ البُستانَ، ومُرهُ أن يَحفِرَ في مَوضِعِ كَذا وكَذا ويَأخُذَ مالَهُ.

قالَ: فَفَزِعَ مِن ذلِكَ داوُدُ عليه‏السلام، وجَمَعَ إلَيهِ عُلَماءَ أصحابِهِ وأخبَرَهُمُ الخَبَرَ، وأمضَى القَضِيَّةَ عَلى ما أوحَى اللّه‏ُ عز و جل إلَيهِ.۱

وروي هذا الحديث بأنحاء أُخرى أيضاً، وفي بعضها أنّ داود عليه‏السلام سأل ربّه أن يرفع هذا

1.. الكافي: ج ۷ ص ۴۲۱ ح ۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ المجلد السادس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11104
صفحه از 483
پرینت  ارسال به