فهم الأحاديث المهدويّة:
۱ ـ الاستفادة من علم الغيب الإلهيّ والقضاء على أساسه، وقد ذُكر مصداقه في هذا الحديث المرويّ عن أبي حمزة عن الإمام الباقر عليهالسلام، قال:
إنَّ داوُدَ عليهالسلام سَألَ رَبَّهُ أن يُرِيَهُ قَضِيَّةً مِن قَضايَا الآخِرَةِ فَأوحَى اللّهُ عز و جل إلَيهِ: يا داوُدُ، إنَّ الَّذي سَأَلتَني لَم اُطلِع عَلَيهِ أحَداً مِن خَلقي، ولا يَنبَغي لِأَحَدٍ أن يَقضِيَ بِهِ غَيري.
قالَ: فَلَم يَمنَعهُ ذلِكَ أن عادَ فَسَألَ اللّهُ أن يُرِيَهُ قَضِيَّةً مِن قَضايَا الآخِرَةِ.
قالَ: فَأتاهُ جَبرَئيلُ عليهالسلام فَقالَ لَهُ: يا داوُدُ، لَقَد سَأَلتَ رَبَّكَ شَيئاً لَم يَسألهُ قَبلَكَ نَبِيٌّ! يا داوُدُ، إنَّ الَّذي سَألتَ لَم يُطلِع عَلَيهِ أحَداً مِن خَلقِهِ، ولا يَنبَغي لِأَحَدٍ أن يَقضِيَ بِهِ غَيرُهُ. قَد أجابَ اللّهُ دَعوَتَكَ وأعطاكَ ما سَألتَ. يا داوُدُ، إنَّ أوَّلَ خَصمَينِ يَرِدا عَلَيكَ غَداً القَضِيَّةُ فيهِما مِن قَضايَا الآخِرَةِ.
قالَ: فَلَمّا أصبَحَ داوُدُ عليهالسلام جَلَسَ في مَجلسِ القَضاءِ، أتاهُ شَيخٌ مُتَعَلِّقٌ بِشابٍّ، ومَعَ الشّابِّ عُنقودٌ مِن عِنَبٍ، فَقالَ لَهُ الشَّيخُ: يا نَبِيَّ اللّهِ، إنَّ هذَا الشّابَّ دَخَلَ بُستاني، وخَرَّبَ كُرمي، وأكَلَ مِنهُ بِغَيرِ إذني، وهذَا العُنقودُ أخَذَهُ بِغَيرِ إذني.
فَقالَ داوُدُ لِلشّابِّ: ما تَقولُ؟ فَأقَرَّ الشّابُّ أنَّهُ قَد فَعَلَ ذلِكَ.
فَأوحَى اللّهُ عز و جل إلَيهِ: يا داوُدُ، إنّي إن كَشَفتُ لَكَ عَن قَضايَا الآخِرَةِ فَقَضَيتَ بِها بَينَ الَّشيخَ وَالغُلامِ لَم يَحتَمِلها قَلبُكَ، ولَم يَرضَ بِها قَومُكَ. يا داوُدُ، إنَّ هذَا الشَّيخَ اقتَحَمَ عَلى أَبي هذَا الغُلامِ في بُستانِهِ فَقَتَلَهُ، وغَصَبَ بُستانَهُ، وأخَذَ مِنهُ أربَعينَ ألفَ دِرهَمٍ فَدَفَنَها في جانِبِ بُستانِهِ، فَادفَع إلَى الشّابِّ سَيفاً ومُرهُ أن يَضرِبَ عُنُقَ الشَّيخِ، وَادفَع إلَيهِ البُستانَ، ومُرهُ أن يَحفِرَ في مَوضِعِ كَذا وكَذا ويَأخُذَ مالَهُ.
قالَ: فَفَزِعَ مِن ذلِكَ داوُدُ عليهالسلام، وجَمَعَ إلَيهِ عُلَماءَ أصحابِهِ وأخبَرَهُمُ الخَبَرَ، وأمضَى القَضِيَّةَ عَلى ما أوحَى اللّهُ عز و جل إلَيهِ.۱
وروي هذا الحديث بأنحاء أُخرى أيضاً، وفي بعضها أنّ داود عليهالسلام سأل ربّه أن يرفع هذا