ويتّضح من هذا الأُسلوب أنّ طريقة القرآن قائمّة على أصل السلم في التعامل مع المخالفين.
واعتقد بعض المفسّرين مثل ربيع وعكرمة وقتادة وابن زيد وحسن أنّ هذه الآية نُسخت بالآية الخامسة من سورة التوبة۱ التي ورد الأمر العامّ فيها بأخذ المشركين والضغط عليهم:
«فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».۲
ولكن لو روجعت الآية السابقة لها لاحتُمل عدم حدوث النسخ، وأنّ الصلح مع المخالفين وحتّى المشركين هو ضمن قوانين عمل المسلمين، وينبغي الالتزام بمعاهدات السلام في هذا المجال:
«إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ».۳
واللاّفت للنظر أنّ هذه الآية ـ وفقاً لقول مقاتل بن سليمان البلخيّ ـ نزلت بشأن أُولئك التسعة أشخاص الذين أُشير إليهم في الآية محلّ البحث.۴
وفي الوقت نفسه حذّر القرآن الكريم مباشرة من أنّه لو احتملت فتنة أو خدعة وما شاكلها من قبل شخص أو جماعة، فعلى المسلمين أن يحذروا ولا ينخدعوا بما يقترحونه من سلم.۵