361
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

جواب الإشكال الثاني: يتّضح من التدقيق في روايات موضوع البحث أنّه لا يوجد في أيّ منها حديث عن الإمام المهديّ عليه‏السلام وقيامه، ويبدو أنّ تفسير عبارة «هذا الأمر» بقيام الإمام المهديّ عليه‏السلام هو أساس هذا الخطأ، ولاسيّما أنّه ورد في بعض من الأحاديث المذكورة: «بَعدَ البَلاء رَخاءٌ»، والخطأ ناتج من تطبيق هذا الحديث على رخاء المجتمع بعد قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام.

ومعنى هذه الأحاديث: أنّ اللّه‏ تعالى قدّر فرجاً للشيعة على أساس أوضاعهم، ولكنّه تأخّر بسبب تغيير تلك الأوضاع، ورسالة هذه الأحاديث يعكسها مضمون هذه الآية: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»۱، فلو عمل المؤنون وفقاً لأوامر اللّه‏ والنبيّ والأئمّة، سيفرّج اللّه‏ عنهم، كما حصل الفرج للشيعة مرّات عديدة في التاريخ، وآخر نماذجه في العصر الحاضر عند تأسيس الحكومة الإسلاميّة في إيران، مع أنّ حدوث الفرج الأصليّ والعالميّ يكون بعد ظهور المنقذ المنتظر والإمام الثاني عشر.

وقال العلاّمة المجلسيّ في تفسير الحديث الأوّل المنقول عن الكافي:

«وقّت هذا الأمر»؛ أي ظهور الحقّ وغلبته على الباطل بيد إمام من الأئمّة، لا ظهور الإمام الثانيعشر.۲

وبناء عليه، لا علاقة للأحاديث المذكورة بحدوث البداء في قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام، بل تعني أنّ اللّه‏ تعالى قدّر فرجاً أيضاً للمجتمع الشيعيّ في عهد بعض الأئمّة قبل الإمام المنتظر، ولكن تأخّر هذا التقدير غير المحتوم لعدّة أسباب.

راجع: ص۹۳ «القسم العاشر / الفصل الأوّل / إمكان البداء في العلامات حتّى المحتومات»

و ص ۲۰۶ «الفصل الثاني / احتمال البداء في العلامات».

1.. الرعد: ۱۱.

2.. مرآة العقول: ج۴ ص۱۷۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
360

والإمام المهديّ عليه‏السلام في المكان الثاني عشر.

جواب الإشكال الأوّل: البداء يعني التغيير في القضاء والقدر، وهما لايحصلان في علم اللّه‏ الذي هو ذاته بعينها، بل يحدث في لوح التقدير الذي يُسمّى أحياناً بالعلم الفعليّ أو بالعلم المخلوق، فمثلاً يثبت اللّه‏ في لوح التقدير بعض المقدّرات على أساس وضع الأشخاص في ليلة القدر، ولكن يتغيّر تقدير بعضهم عندما يغيّرون أوضاعهم، وهذا التغيير في التقدير المصرّح به في عدّة آيات يسمّى بالبداء ؛ وبناء عليه لا يتعارض البداء مع العلم الإلهيّ، فاللّه‏ سبحانه عالم منذ الأزل بالتقديرين: الأوّل والثاني.

سؤل: إذا لم يكن الجهل مصدراً للبداء، فما هو مصدره إذن؟ ولماذا لم يثبت اللّه‏ التقدير الثاني منذ البداية؟

الجواب: للبداء حِكَم كثيرة تبرّره:

منها: أنّه دليل على القدرة والحرّية الإلهيّة المطلقة، ويثبت أنّه حتّى التقدير الإلهيّ لا يقيّد يد اللّه‏، خلافاً لعقيدة اليهود حيث قالوا: «يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ»۱ ؛ لأنّه قد فرغ من القضاء والقدر، في حين يقول البداء: «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كيْفَ يَشَاءُ»۲ حتّى بعد القضاء والقدر.

وعلى هذا الأساس، يختصّ العلم الذي لا يقبل البداء والتغيير باللّه‏ تعالى، وأمّا علم الأنبياء والأولياء بأحداث المستقبل فمعرّض للبداء ؛ لأنّ منشأه لوح التقدير الذي يحتمل التغيير فيه، إلاّ أن يخبر اللّه‏ بعدم التغيير في تقدير معيّن.

ومنها: أنّ الاعتقاد بالبداء يمهّد للسعي وراء تغيير المصير، في حين أنّ نفيه يُقصي الأمل والدوافع في تشييد مستقبل أفضل، وبناء عليه لا تتعارض عقيدة البداء مع العلم الإلهيّ الأزليّ، ليس هذا فحسب، بل هي قائمّة على ركيزة وطيدة من العلم والحكمة.۳

1.. المائدة: ۶۴.

2.. المصدر السابق.

3.. للمزيد من التوضيح لمعنى البداء وحكمِه، راجع: دانش‏نامه عقايد إسلامي بالفارسيّة: ج ۸ ص ۲۴۵ (القسمالثاني / الفصل الخامس).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10064
صفحه از 457
پرینت  ارسال به