ومن هنا فالاطّلاع على زمن الظهور مثل الاطّلاع على بداية القيامة: مقتصر على العلم الإلهيّ، وغير مسموح به لأيّ أحد.
وقال أمير المؤنين عليهالسلام في جواب صعصعة بن صوحان عن زمان خروج الدجّال:
وَاللّهِ مَا المَسؤلُ عَنهُ بِأَعلَمَ مِنَ السّائِل.۱
ويشير بهذا الكلام إلى العلم الإلهيّ المكنون أيضاً.
۷ ـ هناك احتمال جدير بالاهتمام في عدم صحّة الإخبار عن زمن الظهور، وهو أنّ بعض الأُمور المخصّصة بالعلم الإلهيّ الذاتيّ ربّما يمكن تصويرها على أنّها لم تكتسب بعد تحقّقاً في القضاء والقدر في اللوح المحفوظ، أي لم يُقدّر أصلاً زمان تحقّقها كي يتسنّى لأحد الاطّلاع عليها. فكلّ خبر ورواية عن ذلك المعلوم الإلهيّ لن يطابق الواقع ؛ لأنّه لم يقدّر بعد، وعندما يقدّر سيُمنح علمه إلى الأنبياء والمعصومين عليهمالسلام.
ورواية تفسير العيّاشي: «إنَّ اللّهَ خالَفَ عِلمُهُ عِلمَ المُوَقِّتينَ»، أو: «وَاللّهِ مَا المَسؤلُ عَنهُ بِأَعلَمَ مِنَ السّائِلِ»، ربما ترصد هذا المعنى.
وبهذا التوضيح يُحرز الكذب صورة جديدة بمعنى بيان أمر غير مطابق للواقع ؛ لأنّه لا يمكن لأيّ توقيت أن يُخبر عن واقع غير مقدّر.
۸ ـ الاحتمال الآخر في بطلان الإخبار عن زمن الظهور، هو الالتفات إلى موضوع البداء في الزمن المذكور وعلاماته. وأُشير إلى هذا الاحتمال في بعض أحاديث علامات الظهور، واعتبرت جميعها ممّا يقبل البداء، ونظراً إلى هذا الاحتمال في علامات الظهور وزمنه فلن يستطيع أحد أن يحدّد بثقة واطمئنان وقتاً معيّناً له.
۹ ـ يُستفاد من مجموع الأحاديث المتقدّمة أنّ الكذب بمعنى الخطأ، وهو ميزة كلّ من يدّعي العلم بزمان الظهور، سواء نسبه إلى المعصوم، أو اعتبر نفسه عالماً به استناداً إلى العلوم الغريبة والطلاسم والرؤا والكشف والشهود.