335
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

ومن هنا فالاطّلاع على زمن الظهور مثل الاطّلاع على بداية القيامة: مقتصر على العلم الإلهيّ، وغير مسموح به لأيّ أحد.

وقال أمير المؤنين عليه‏السلام في جواب صعصعة بن صوحان عن زمان خروج الدجّال:

وَاللّه‏ِ مَا المَسؤلُ عَنهُ بِأَعلَمَ مِنَ السّائِل.۱

ويشير بهذا الكلام إلى العلم الإلهيّ المكنون أيضاً.

۷ ـ هناك احتمال جدير بالاهتمام في عدم صحّة الإخبار عن زمن الظهور، وهو أنّ بعض الأُمور المخصّصة بالعلم الإلهيّ الذاتيّ ربّما يمكن تصويرها على أنّها لم تكتسب بعد تحقّقاً في القضاء والقدر في اللوح المحفوظ، أي لم يُقدّر أصلاً زمان تحقّقها كي يتسنّى لأحد الاطّلاع عليها. فكلّ خبر ورواية عن ذلك المعلوم الإلهيّ لن يطابق الواقع ؛ لأنّه لم يقدّر بعد، وعندما يقدّر سيُمنح علمه إلى الأنبياء والمعصومين عليهم‏السلام.

ورواية تفسير العيّاشي: «إنَّ اللّه‏َ خالَفَ عِلمُهُ عِلمَ المُوَقِّتينَ»، أو: «وَاللّه‏ِ مَا المَسؤلُ عَنهُ بِأَعلَمَ مِنَ السّائِلِ»، ربما ترصد هذا المعنى.

وبهذا التوضيح يُحرز الكذب صورة جديدة بمعنى بيان أمر غير مطابق للواقع ؛ لأنّه لا يمكن لأيّ توقيت أن يُخبر عن واقع غير مقدّر.

۸ ـ الاحتمال الآخر في بطلان الإخبار عن زمن الظهور، هو الالتفات إلى موضوع البداء في الزمن المذكور وعلاماته. وأُشير إلى هذا الاحتمال في بعض أحاديث علامات الظهور، واعتبرت جميعها ممّا يقبل البداء، ونظراً إلى هذا الاحتمال في علامات الظهور وزمنه فلن يستطيع أحد أن يحدّد بثقة واطمئنان وقتاً معيّناً له.

۹ ـ يُستفاد من مجموع الأحاديث المتقدّمة أنّ الكذب بمعنى الخطأ، وهو ميزة كلّ من يدّعي العلم بزمان الظهور، سواء نسبه إلى المعصوم، أو اعتبر نفسه عالماً به استناداً إلى العلوم الغريبة والطلاسم والرؤا والكشف والشهود.

1.. راجع: ص ۱۵۴ ح ۱۳۷۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
334

۴ ـ المجموعتان من الروايات السابقة تحاول إثبات موضوعين، ومن ثمّ لا تنافي بينهما، والدليلان المثبتان لا يُعتبران متعارضين وفقاً لاصطلاح الأُصوليّين. فالمجموعة الأُولى تُنكر نقل التوقيت عن الأئمّة عليهم‏السلام وتعتبره كذباً عليهم، والمجموعة الثانية تعتبركلّ أنواع التوقيت خطأ وباطلاً.

۵ ـ رواية كتاب تفسير العيّاشي قدّمت بياناً بديعاً لأسباب خطأ التوقيت لزمن الظهور: سأل فضيل بن يسّار الإمام الباقر عليه‏السلام عن زمن الظهور فأجابه:

إنَّ اللّه‏َ خالَفَ عِلمُهُ عِلمَ المُوَقِّتينَ، أما سَمِعتَ اللّه‏َ يَقولُ: «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً»۱، أما إنَّ موسى لَم يَكن يَعلَمُ بِتِلكَ العَشرِ ولا بَنو إسرائيلَ، فَلَمّا حَدَّثَهُم قالوا: كَذَبَ موسى.۲

ظاهر الحديث أنّ زمن ظهور القائم عليه‏السلام يدخل في ضمن العلم اللّه‏ الذاتيّ المكنون للّه‏ عز و جل الذي لم يجعله مُتاحاً لأيّ أحد حتّى الأنبياء والأئمّة عليهم‏السلام. وبناء عليه لا يمكن الوصول إليه حتّى من قبل تلك الذوات المقدّسة، أمّا الآخرون وهم في مراتب أقلّ بكثير فلا يتصوّر لهم حتّى إمكانيّة معرفة زمان الظهور بواسطة الرياضات أو العلوم الغريبة.

۶ ـ وحملت نصوص أُخرى مضمون رواية كتاب العيّاشيّ المتقدّمة في موضوع اقتصار العلم بالظهور على ذات البارئ عز و جل، فقال الإمام الرضا عليه‏السلام لدعبل معتبراً زمان الظهوركزمان القيامة:

وأَمّا مَتى؟ فَإِخبارٌ عَنِ الوَقتِ، فَقَد حَدَّثَني أبي، عَن أبيهِ، عَن آبائِهِ عليهم‏السلام: أنَّ النَّبِيَّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله قيلَ لَهُ: يا رَسولَ اللّه‏ِ، مَتى يَخرُجُ القائِمُ مِن ذُرِّيَّتِك؟ فَقالَ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: مَثَلُهُ مَثَلُ السّاعَةِ الَّتي «لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً»۳.۴

1.. الأعراف: ۱۴۲.

2.. راجع: ص ۳۲۷ ح۱۴۸۷.

3.. الأعراف: ۱۸۷.

4.. راجع : ص ۲۹۶ ح ۱۴۴۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10651
صفحه از 457
پرینت  ارسال به