333
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

كذَبَ المُوَقِّتونَ، ما وَقَّتنا فيما مَضى، ولا نُوَقِّتُ فيما يَستَقبِلُ.۱

ونقول بصراحة استناداً إلى هذه الأحاديث: إنّ كلّ من ذكر زماناً على أنّه وقت للظهور نقلاً عن الأئمّة، فقد كذب عليهم وكلامه موضوع ؛ لأنّ أهل البيت عليهم‏السلام لم يحدّدوا أيّ زمن للظهور.

وربّما تعدّ هذه الأحاديث إشارة إلى ثقافة زمن صدورها، حيث راح بعضهم يحدّد وقت ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام وينسبه للأئمّة عليهم‏السلام مدفوعاً بغايات سياسيّة واجتماعيّة، وتسبّب هذا في تزلزل عقيدة الناس، وأنكر الأئمّة عليهم‏السلام هذه النصوص بشدّة واعتبروها موضوعة.

۳ ـ عدّ بعض آخر من أحاديث المجموعة السابقة التوقيت غير واقعيّ وباطل بنحوٍ عامّ، سواء نُقل هذا الكلام عن المعصومين عليهم‏السلام، أو حدّد المتكلّم زماناً للظهور دون نسبته إليهم عليهم‏السلام. وورد في رواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‏السلام:

أبَى اللّه‏ُ إلا أن يُخالِفَ وَقتَ المُوَقِّتينَ.۲

وقال الإمام الصادق عليه‏السلام في كلام آخر مخاطباً مهزم:

يا مِهزَمُ، كَذَبَ الوَقّاتونَ، وهَلَكَ المُستَعجِلونَ، ونَجَا المُسَلِّمونَ.۳

وجاء حديث للإمام العسكريّ في الإمام المهديّ عليه‏السلام:

أما إنَّ لَهُ غَيبَةً يَحارُ فيهَا الجاهِلونَ، ويَهلِكُ فيهَا المُبطِلونَ، ويَكذِبُ فيهَا الوَقّاتونَ.۴

فهذه الأحاديث تَعتَبر أيّ نوع من التوقيت من قِبَل أيّ شخص ولأيّ سبب، تعتبره خطأً وباطلاً، ولم تُشِر بأيّ نحو إلى سبب للاطّلاع على التوقيت.

1.. راجع: ص ۳۳۰ ح ۱۴۹۴.

2.. راجع: ص ۳۲۸ ح ۱۴۸۸.

3.. راجع: ص ۳۲۸ ح ۱۴۸۹.

4.. راجع : ص ۳۲۸ ح ۱۴۹۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
332

و يدلّ حديث الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله على إمكانيّة وقوع الكذب عمداً أو غير عمد، أي يُعدّ من الكذب أيضاً الخطأ سهواً في نسبة كلام غير واقعيّ إلى النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ولكنّ جزاءه يختلف عن الكذب المتعمّد.

وقسّمت رواية أُخرى نقلاً عن أمير المؤنين عليه‏السلام رواة حديث النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى أربعة أقسام:

إنَّ في أيدِي النّاسِ حَقّاً وباطِلاً وصِدقاً وكَذِباً... وإنَّما أتاكَ بِالحَدِيثِ أَربَعَةُ رِجالٍ لَيسَ لَهُم خامِسٌ: رَجُلٌ مُنافِقٌ... يَكذِبُ عَلى رَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله مُتَعَمِّداً... ورَجُلٌ سَمِعَ مِن رَسولِ اللّه‏ِ شَيئاً لَم يَحفَظهُ عَلى وَجهِهِ فَوَهِمَ فيهِ ولَم يَتَعَمَّد كَذِباً... وَآخَرُ رابِعٌ لَم يَكذِب عَلَى اللّه‏ِ ولا عَلى رَسولِهِ، مُبغِضٌ لِلكَذِبِ خَوفاً مِنَ اللّه‏ِ وتَعظيماً لِرَسولِ اللّه‏ِ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ولَم يَهِم بَل حَفِظَ ما سَمِعَ عَلى وَجهِهِ، فَجاءَ بِهِ عَلى ما سَمِعَهُ لَم يَزِد فيهِ ولَم يَنقُص مِنهُ.۱

وهذا الكلام يؤّد أنّ مفردة الكذب تُطلق أحياناً على الخطأ غير العمديّ، وأُخرى على الكذب العمديّ.

ويتّضح ممّا تقدّم أنّ معنى رواية «كَذَبَ الوَقّاتونَ» هو أنّ الوقّاتين يخطؤن.

۲ ـ بيّنت بعض أحاديث القسم السابق أنّ الأئمّة عليهم‏السلام لم يحدّدوا زماناً معيّناً للظهور، فورد في رواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‏السلام:

إنّا أهلُ بَيتٍ لا نُوَقِّتُ.۲

وجاء في رواية محمّد بن مسلم عنه عليه‏السلام:

فَلَسنا نُوَقِّتُ لِأحَدٍ وَقتاً.۳

و بيّن الإمام الصادق عليه‏السلام ثقافة أهل البيت بكلمة رائعة في هذا الصدد فقال:

1.. نهج البلاغة: الخطبة ۲۱۰، الكافي: ج ۱ ص ۶۳.

2.. راجع: ص ۳۲۷ ح ۱۴۸۵.

3.. راجع: ص ۳۲۹ ح ۱۴۹۳.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10692
صفحه از 457
پرینت  ارسال به