283
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

«أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ».۱

الجواب: هذه الآية كسابقتها تتحدّث عن عدم رجعة الجماعات التي هلكت، ولا يمكن لها نفي الرجعة. ويُستنبط من هاتين الآيتين أن لا رجعة للأجيال الهالكة وعقوبتها مجدّداً ؛ لأنّها تعرّضت مرّة للعذاب الدنيويّ، ولا ينتظرها سوى عذاب البرزخ والحساب الأُخرويّ، وأمّا الذين لم يُعذّبوا في الدنيا، فيستحقّون العودة إليها.

۵ ـ طرح بعض الباحثين إشكالاً عقليّاً يقول: تتمّ رجعة المذنبين لأحد الأسباب التالية: إمّا لمعاقبتهم، وإمّا لأذيّتهم، وإمّا لبيان خيانتهم للناس. فأمّا العقوبة فستنزل بهم في الآخرة، ومن الظلم عقابهم في الدنيا، وأمّا الأذى فسيلحق بهم في القبر، وأمّا بيان الخيانة فلا جدوى منه في هذا الزمان، فهو مفيد لأهل زمانهم، لا لأهل أزمنة أُخرى.۲

الجواب: تصرّح أحاديث باب الرجعة بأنّ إعادة المجرمين هي لمعاقبتهم الدنيويّة التي لامنافاة لها مع عذاب الآخرة، ولا تعتبر ظلماً ؛ كما لو اقتُصّ من قاتل في الدنيا، فسينتظره العذاب في الآخرة أيضاً. ومن حقّ المظلومين أن يتذوّقوا حلاوة تطبيق العدالة في الدنيا. وبناء عليه، لا ينبغي اعتبار تنفيذ هذا الحقّ منافياً للعذاب الأُخرويّ. وبيان خيانة هؤاء للآخرين يمكن أن يُعدّ من دلائل رجعتهم، ولا تقتصر فائدة هذا البيان على أهل زمانهم، بل تنفع الناس كافّة، ويمكنها أن تكون درساً وعبرة في كلّ زمان.

۶ ـ ستحدث رجعة الأئمّة عليهم‏السلام في عهد إمام العصر عليه‏السلام كما ستأتي، وثبت بالأدلّة العقليّة والنقليّة أنّه لا يمكن أن تخلو الأرض من حجّة ولو لطرفة عين، ولا يمكن تقدّم غير الأفضل على الأفضل... واستناداً إلى هذه المقدّمات تفقد الرجعة معناها ؛ إذ لازم ذلك إمّا أن يُعزل الإمام المهديّ عليه‏السلام عن الإمامة، في حين أنّ إمامته مستمرّة إلى القيامة بناء على الأدلّة، وإمّا أن يقدّم غير الأفضل وهو إمام العصر عليه‏السلام على الأفضل وهو أمير المؤنين، أو الإمام الحسين عليهماالسلام، وإمّا أن يزداد عدد الأئمّة على الاثني عشر إماماً، ولا تكون زعامة

1.. يس: ۳۱.

2.. موعودشناسى : ص ۶۶۷ نقلاً عن تحفه اثني عشريّة : ص ۴۸۴ وكلاهما بالفارسيّة .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
282

وبعدما يدخل هؤلاء النار ويذوقون حرّها، ويُغلّون بسلاسل من حديد، ويُسقَون من ماء حميم:

«وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ». «رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ».۱

وبناء عليه، فلا رجعة للظالمين، ولو عادوا لما عملوا صالحاً، ولن تختلّ العدالة، إضافة إلى أنّ الرجعة بالمعنى الاصطلاحيّ لا علاقة لها أصلاً بطلب رجوع الكفّار، فهي للمجازاة ومختصّة بعدد قليل من أئمّة الضلال والكفر.

۳ ـ ورد في القرآن الكريم: «وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ».۲

الجواب: تبيّن بتوضيح سابق عن الآية أنّها ليست مخالفة للرجعة، بل هي من أفضل الأدلّة على إثباتها ؛ حيث تقول بأنّه لا يحقّ الرجوع لمجموعة خاصّة، ولازم ذلك أن تكون الرجعة لمجموعة أُخرى.

ويمكن أنّ يقال: إن الراجعين إنّما هم من المؤنين والكافرين، فإن كان الهالكون من الكفّار فعندها يتعذّر رجوعهم طبقاً لهذه الآية، ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ الغاية من رجعة الكفّار هي تذوّق العذاب الدنيويّ، والذين هلكوا قد جرّبوا هذا العذاب مرّة واحدة ولا حاجة إلى رجعتهم مرّة أُخرى. كما لا ينبغي نسيان أنّه لم يهلك جميع الكفّار والمشركين، بل القليل من الأُمم الكافرة والمشركة، وبقي كثير منها حتّى زمان رجعتها ليعودوا للمجازاة والعقاب.

۴ ـ قوله تعالى:

1.. فاطر: ۳۷، المؤنون: ۱۰۷ ـ ۱۰۸.

2.. الأنبياء: ۹۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13743
صفحه از 457
پرینت  ارسال به