281
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس

رغبة في الرجوع، ولا فرصة في العمل، فالغاية من إرجاعهم أمر آخر.

الثالث: الهدف من الرجعة هو معاقبة الكافرين، ولكنّ غاية الكفّار من طلب الرجوع إلى الدنيا حين مشاهدة علامات الموت هو الخلاص من عقاب البرزخ والآخرة.

الرابع: لا مخالفة في تحقّق الغاية من الرجعة، ولكن هناك مخالفة في تحقّق هدف الكفّار ؛ أي أنّهم يكذبون، وكما قال اللّه‏ في القرآن: «وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ»۱.

۲ ـ رجعة الكفّار إلى الدنيا بعد مشاهدة العذاب البرزخيّ ومشاهدة ما يقع بعد الموت، يتسبّب في أن يجدوا فرصة أُخرى للعمل على أساس ما تيقّنوا به، وفي هذه الحالة لا يبقى مجال لمعاقبتهم، ولا فرق بينهم وبين المؤنين، وهذا ليس عادلاً.

الإجابة: لا يوفّر اللّه‏ تعالى مثل هذه الفرصة للكفّار والمجرمين، فهم يريدون الرجوع إلى الدنيا للعمل الصالح، ولكنّ هذا الطلب لا يستجاب لهم، فهم يبدؤون بمشاهدة علامات الموت۲، ويتكرّر في صحراء المحشر، ويقولون:

«وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ».۳

ولا يُجابون هنا حتّى يُؤتى بهم إلى مشارف جهنّم ويعاينون النار عن كَثَب:

«وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ».۴

1.. الأنعام : ۲۸ .

2.. كما تقدّم في الإشكال الأوّل.

3.. السجدة: ۱۲.

4.. الأنعام: ۲۷ ـ ۲۸.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
280

أمّا أهمّ استدلالات المخالفين فكما يلي:

۱ ـ رفض اللّه‏ تعالى طلب جماعة للرجعة حين الموت، فكيف يمكن القبول برجوعهم بعد الموت؟ قال تعالى في القرآن الكريم:

«حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ».۱

وكذّب القرآن الكريم دعوى من طلب الرجوع وقال:

«وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ».۲

الجواب: نستفيد من الآيات المذكورة ومعنى الرجعة أنّ هناك أربعة فروق على الأقلّ بين الرجعة بالمعنى الاصطلاحيّ وأُمنية الكافرين المذكورة، وهي:

الأوّل: طلب الكافرين للرجعة عند الموت هو لاستئناف العمل، ولكنّ رجعة الكفّار في آخر الزمان ليست للعمل، ولا يُمنحون أيّ فرصة لإصلاح أعمالهم، وحتّى لو أرادوا الإيمان حينها، فلن ينفعهم في شيء ؛ لأنّ اللّه‏ تعالى يقول:

«يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ».۳

فظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام إحدى الآيات الإلهيّة التي لا يُقبل بعدها إيمان الكافرين، كما أكّدت بعض الأحاديث الإسلاميّة على هذا الموضوع.

الثاني: إنّ اللّه‏ سبحانه هو صاحب الإرادة في الرجعة، وأمّا طلب رجوع الكفّار فيكون من قبل أنفسهم. وبعبارة أُخرى: حينما يشاهد الكفّار علامات الموت يطلبون فرصة أُخرى لعلّهم يعملون صالحاً في الحياة الدنيا ويتزوّدون لآخرتهم، ولكن في الرجعة ليس لهم أيّ

1.. المؤنون: ۹۹ ـ ۱۰۰ .

2.. الأنعام: ۲۸.

3.. الأنعام: ۱۵۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الخامس
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13753
صفحه از 457
پرینت  ارسال به