وَجَدناها مالِحَةً غَيرَ عَذبَةٍ. فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليهالسلام: اِحفَر هاهُنا بِئرا. فَحَفَرَ فَخَرَجَت عَلَيهِم صَخرَةٌ لَم يَستَطيعوا قَلعَها. فَقَلَعَها أميرُ المُؤمِنينَ، فَانقَلَعَت عَن عَينٍ أحلى مِنَ الشَّهدِ وأَلَذَّ مِنَ الزُّبدِ.
فَقالَ لَهُ: يا حُبابُ، يَكونُ شُربُكَ مِن هذِهِ العَينِ، أما إنَّهُ يا حُبابُ، سَتُبنى إلى جَنبِ مَسجِدِكَ هذا مَدينَةٌ، وتَكثُرُ الجَبابِرَةُ فيها ويَعظُمُ البَلاءُ، حَتّى إنَّهُ لَيُركَبُ فيها كُلَّ لَيلَةِ جُمُعَةٍ سَبعونَ ألفَ فَرجٍ حَرامٍ. فَإِذا عَظُمَ بَلاؤُهُم سَدّوا عَلى مَسجِدِكَ بِقَنطَرَةٍ، ثُمَّ وَابنِهِ مَرَّتَينِ، ثُمَّ وَابنِهِ، لا يَهدِمُهُ إلاّ كافِرٌ۱، فَإِذا فَعَلوا ذلِكَ مُنِعُوا الحَجَّ ثَلاثَ سِنينَ، وَاحتَرَقَت خُضرُهُم، وسَلَّطَ اللّهُ عَلَيهِم رَجُلاً مِن أهلِ السَّفحِ۲، لا يَدخُلُ بَلَدا إلاّ أهلَكَهُ وأَهلَكَ أهلَهُ. ثُمَّ ليعد۳ عَلَيهِم مَرَّةً اُخرى، ثُمَّ يَأخُذُهُمُ القَحطُ وَالغَلاءُ ثَلاثَ سِنينَ، حَتّى يَبلُغَ بِهِمُ الجَهدُ. ثُمَّ يَعودُ عَلَيهِم، ثُمَّ يَدخُلُ البَصرَةَ فَلا يَدَعُ فيها قائِمَةً إلاّ سَخِطَها وأَهلَكَها وأَهلَكَ۴ أهلَها، وذلِكَ إذا عُمِّرَتِ الخَرِبَةُ وبُنِيَ فيها مَسجِدٌ جامِعٌ، فَعِندَ ذلِكَ يَكونُ هَلاكُ أهلِ البَصرَةِ.
ثُمَّ يَدخُلُ مَدينَةً بَناهَا الحَجّاجُ يُقالُ لَها واسِطُ۵، فَيَفعَلُ مِثلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ نَحوَ بَغدادَ فَيَدخُلُها عَفوا، ثُمَّ يَلتَجِئُ النّاسُ إلَى الكوفَةِ، ولا يَكونُ بَلَدٌ مِنَ الكوفَةِ
1.. وفي هامش المصدر : «في العبارة إغلاق في جميع النسخ : ففي نسخة : "ثمّ وابنه بنين وابنه لا يهدمه إلاّ كافر ثمّ بنيا" . وفي نسخة : "ثمّ رأيته نبين ثمّ وابنه لا يهدمه إلاّ كافر ثمّ بيتا" . صحّحناه من نسخة المشكاة» . وفي بحار الأنوار : «فإذا عظم بلاؤهم شدّوا على مسجدك بفطوة ثمّ ـ وابنه بنين ثمّ وابنه لا يهدمه إلاّ كافر ثمّ بيتا» .
2.. السَّفْحُ : قرب اليمامة ، وهو موضع كانت به وقعة بين بكر بن وائل وتميم مجمع البلدان : ج ۳ ص ۲۲۴ .
3.. الظاهر أنّ الصواب : «لَيَعودُ» .
4.. في بحار الأنوار : «أسخَطَ» .
5.. واسِط : مدينة متوسّطة بين البصرة والكوفة ؛ لأنّ منها إلى كلّ واحدة منهما خمسين فرسخا ، بناها الحجّاج بن يوسف الثقفي معجم البلدان : ج ۵ ص ۳۴۷ .