العاديّة للناس، ويسيرون في آفاق متعالية.
من جهة أُخرى، لايمكن تصوّر هذه الصفات السامية لدى أشخاص بالرغم من أنّهم يرفضون الواقع الحاليّ، ويأملون بمستقبل أفضل في ظلّ حكومة العدل العالميّة للإمام المهديّ عليهالسلام، ولكنّهم لا يبذلون أيّ جهود في سبيل الوصول إلى تلك المدينة الفاضلة.
ومن أجل شرح أفضل للأحاديث المذكورة، نقول:
لانتظار الفرج ركنان أساسيّان: رفض الواقع الراهن، والأمل بالفرج في المستقبل. وكيفيّة التعامل مع هذين الركنين السلبيّ والإيجابيّ، تخلق نوعين مختلفين من الانتظار:
۱ ـ انتظار غير مسؤل: وفيه يعترض الشخص المنتظِر على الواقع الراهن، ولكنّه لا يبذل أيّ سعي وجهد سوى ترقّب مستقبل أفضل.
فواقعه عمل على تثبيطه وعزله، فهو يُعلن اعتراضه على الأوضاع الفعليّة من موضع يختار فيه الابتعاد عن السير العامّ للمجتمع والأحادث السياسيّة والاجتماعيّة، ويسعى فقط لئلاّ يتأثّر هو والمقرّبون إليه بالأوضاع الحاليّة، ولا يرى واجبه في أن يبذل جهداً من أجل نجاة الآخرين.
وإصلاح المجتمع قبل ظهور الإمام المهديّ عليهالسلام وفقاً لهذه الرؤة، إجراء عقيم لا طائل منه، وواجبنا يكمن فقط في انتظار مجيء المنقذ الموعود ليصلح الأوضاع المتدهورة.
۲ ـ الانتظار المسؤل: وفيه يكون المنتظِر مسؤلاً وله حالة بنّاءة وفعّالة وحركيّة ومؤّرة، ولا يرتضي الأوضاع الفعليّة، ويسعى لتهيئة الأرضيّات الاجتماعيّة والثقافيّة لظهور الإمام عليهالسلام.
وهو لا يربّي نفسه كشخص متهيّئ لعصر الظهور من حيث الخصائص الفرديّة فحسب، بل يضع نصب عينيه الاستعداد الفرديّ والمجتمعيّ الكامل على الصعيد العلميّ والمهارات الإداريّة والاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة للدخول في العصر المذكور، ولديه القدرة على إدارة المجتمع المهدويّ الذي يمتاز بأنّه متحرّك ومتأهّب ومطيع للأوامر وجدير بالمثل