53
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

العاديّة للناس، ويسيرون في آفاق متعالية.

من جهة أُخرى، لايمكن تصوّر هذه الصفات السامية لدى أشخاص بالرغم من أنّهم يرفضون الواقع الحاليّ، ويأملون بمستقبل أفضل في ظلّ حكومة العدل العالميّة للإمام المهديّ عليه‏السلام، ولكنّهم لا يبذلون أيّ جهود في سبيل الوصول إلى تلك المدينة الفاضلة.

ومن أجل شرح أفضل للأحاديث المذكورة، نقول:

لانتظار الفرج ركنان أساسيّان: رفض الواقع الراهن، والأمل بالفرج في المستقبل. وكيفيّة التعامل مع هذين الركنين السلبيّ والإيجابيّ، تخلق نوعين مختلفين من الانتظار:

۱ ـ انتظار غير مسؤل: وفيه يعترض الشخص المنتظِر على الواقع الراهن، ولكنّه لا يبذل أيّ سعي وجهد سوى ترقّب مستقبل أفضل.

فواقعه عمل على تثبيطه وعزله، فهو يُعلن اعتراضه على الأوضاع الفعليّة من موضع يختار فيه الابتعاد عن السير العامّ للمجتمع والأحادث السياسيّة والاجتماعيّة، ويسعى فقط لئلاّ يتأثّر هو والمقرّبون إليه بالأوضاع الحاليّة، ولا يرى واجبه في أن يبذل جهداً من أجل نجاة الآخرين.

وإصلاح المجتمع قبل ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام وفقاً لهذه الرؤة، إجراء عقيم لا طائل منه، وواجبنا يكمن فقط في انتظار مجيء المنقذ الموعود ليصلح الأوضاع المتدهورة.

۲ ـ الانتظار المسؤل: وفيه يكون المنتظِر مسؤلاً وله حالة بنّاءة وفعّالة وحركيّة ومؤّرة، ولا يرتضي الأوضاع الفعليّة، ويسعى لتهيئة الأرضيّات الاجتماعيّة والثقافيّة لظهور الإمام عليه‏السلام.

وهو لا يربّي نفسه كشخص متهيّئ لعصر الظهور من حيث الخصائص الفرديّة فحسب، بل يضع نصب عينيه الاستعداد الفرديّ والمجتمعيّ الكامل على الصعيد العلميّ والمهارات الإداريّة والاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة للدخول في العصر المذكور، ولديه القدرة على إدارة المجتمع المهدويّ الذي يمتاز بأنّه متحرّك ومتأهّب ومطيع للأوامر وجدير بالمثل


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
52

الثانية: حالة الأمل بالمستقبل وتوقّع غد أفضل هي من التعاليم القرآنيّة والحديثيّة الأساسيّة، وتشير إليها آيات من قبيل: «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً»، وتوصي بالصبر والثبات حيال الوضع المعاش من أجل الوصول إلى مستقبل أفضل.

وتنظر التعاليم الدينيّة إلى حالة الفرج واجتياز الأوضاع الرديئة والأمل بمستقبل أمثل، على أنّها مطلوبة دائماً وجديرة باهتمام الجميع. وكما ذكرنا سابقاً فالأمل بالفرج الشخصي والعامّ بظهور إمام العصر عليه‏السلام، يُعدّ أعلى وأسمى حالات الانتظار، ومصداقاً كاملاً للأحاديث الموصية به.

الثالثة: صوّرت الأحاديث الواردة في فضيلة الانتظار والمنتظرين منزلة غاية في الرفعة لهما، فاعتبرت مَن ينتظر أنّه مِن أولياء اللّه‏۱، وبأنّه أفضل الناس۲، وعدّته مخلصاً حقيقيّاً۳، وكمن حارب مع النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ۴، أو كمن كان معه في معركة بدر العصيبة۵، أو مثل من حضر في خيمة القائم عليه‏السلام ۶ وحارب معه۷، ونظير من استشهد وهو في جيش النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.۸

وواضح أنّ هذه الخصائص والأوصاف جديرة بأشخاص خاصّين اجتازوا المراحل

1.. راجع: ص ۷۴ من أولياء اللّه‏.

2.. راجع: ص ۸۲ (أفضل من أهلِ كلّ زمان) .

3.. راجع: ص ۷۶ ح ۹۳۵ كمال الدين و ص ۸۹ ح ۹۵۷ (كمال الدين).

4.. راجع: ص ۷۵ (كالمقاتل بين يدي رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله) .

5.. راجع: ص ۸۱ ح ۹۴۵ الكافي.

6.. راجع: ص ۸۰ (كالمتشحطّ بدمه في سبيل اللّه‏).

7.. راجع: ص ۷۸ (كالمقاتل في جيش القائم عليه‏السلام).

8.. راجع: ص ۷۷ (كمن استُشهد مع رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10923
صفحه از 416
پرینت  ارسال به