385
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

ذابِحٌ لَكَ بِمُهَنَّدِهِ۱، قَد سَكَنَت حَواسُّكَ، وخَفِيَت أنفاسُكَ، ورُفِعَ عَلَى القَنا رَأسُكَ، وسُبِيَ أهلُكَ كَالعَبيدِ، وصُفِّدوا۲ فِي الحَديدِ، فَوقَ أقتابِ المَطِيّاتِ، تَلفَحُ وُجوهَهُم حَرُّ الهاجِراتِ، يُساقونَ فِي البَراري وَالفَلَواتِ، أيديهِم مَغلولَةٌ إلَى الأَعناقِ، يُطافُ بِهِم فِي الأَسواقِ.
فَالوَيلُ لِلعُصاةِ الفُسّاقِ، لَقَد قَتَلوا بِقَتلِكَ الإِسلامَ، وعَطَّلُوا الصَّلاةَ وَالصِّيامَ، ونَقَضُوا السُّنَنَ وَالأَحكامَ، وهَدَموا قَواعِدَ الإِيمانِ، وحَرَّفوا آياتِ القُرآنِ، وهَملَجوا۳ فِي البَغيِ وَالعُدوانِ.
لَقَد أصبَحَ رَسولُ اللّه‏ِ صَلَّى اللّه‏ُ عَلَيهِ وآلِهِ مَوتورا، وعادَ كِتابُ اللّه‏ِ عز و جل مَهجورا، وغودِرَ الحَقُّ إذ قُهِرتَ مَقهورا، وفُقِدَ بِفَقدِكَ التَّكبيرُ وَالتَّهليلُ، وَالتَّحريمُ وَالتَّحليلُ، وَالتَّنزيلُ وَالتَّأويلُ، وظَهَرَ بَعدَكَ التَّغييرُ وَالتَّبديلُ، وَالإِلحادُ وَالتَّعطيلُ، وَالأَهواءُ وَالأَضاليلُ، وَالفِتَنُ وَالأَباطيلُ.
فَقامَ ناعيكَ عِندَ قَبرِ جَدِّكَ الرَّسولِ صَلَّى اللّه‏ُ عَلَيهِ وآلِهِ، فَنَعاكَ إلَيهِ بِالدَّمعِ الهَطولِ قائِلاً: يا رَسولَ اللّه‏ِ، قُتِلَ سِبطُكَ وفَتاكَ، وَاستُبيحَ أهلُكَ وحِماكَ، وسُبِيَت بَعدَكَ ذَراريكَ، ووَقَعَ المَحذورُ بِعِترَتِكَ وذَويكَ ! فَانزَعَجَ الرَّسولُ وبَكى قَلبُهُ المَهولُ، وعَزّاهُ بِكَ المَلائِكَةُ وَالأَنبِياءُ، وفُجِعَت بِكَ اُمُّكَ الزَّهراءُ.
وَاختَلَفَت جُنودُ المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ تُعَزّي أباكَ أميرَ المُؤمِنينَ، واُقيمَت لَكَ المَآتِمُ في أعلى عِلِّيّينَ، ولَطَمَت عَلَيكَ الحورُ العينُ، وبَكَتِ السَّماءُ وسُكّانُها، وَالجِنانُ

1.. المُهَنَّدُ : السيف المطبوع من حديد الهند الصحاح : ج ۲ ص ۵۵۷ «هند» .

2.. صَفَدَهُ : أي شدّه وأوثقه (الصحاح : ج ۲ ص ۴۹۸ «صفد») .

3.. الهَملَجَة : هو مشي شبيه الهرولة ، يقال : هو فارسي معرّب مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۸۱ «هملج» . أي أسرعوا في البغي والعدوان .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
384

وقاتَلوكَ بِكَيدِهِم وشَرِّهِم، وأَمَرَ اللَّعينُ جُنودَهُ فَمَنَعوكَ الماءَ ووُرودَهُ، وناجَزوكَ القِتالَ، وعاجَلوكَ النِّزالَ، ورَشَقوكَ بِالسِّهامِ وَالنِّبالِ، وبَسَطوا إلَيكَ أكُفَّ الاِصطِلامِ، ولَم يَرعَوا لَكَ ذِماما، ولا راقَبوا فيكَ أثاما في قَتلِهِم أولِياءَكَ ونَهبِهِم رِحالَكَ، [و۱]أنتَ مُقَدَّمٌ فِي الهَبَواتِ۲، ومُحتَمِلٌ لِلأَذِيّاتِ، وقَد عَجِبَت مِن صَبرِكَ مَلائِكَةُ السَّماواتِ.
وأَحدَقوا بِكَ مِن كُلِّ الجِهاتِ، وأَثخَنوكَ بِالجِراحِ، وحالوا بَينَكَ وبَينَ الرَّواحِ، ولَم يَبقَ لَكَ ناصِرٌ، وأَنتَ مُحتَسِبٌ صابِرٌ، تَذُبُّ عَن نِسوَتِكَ وأَولادِكَ، حَتّى نَكَسوكَ عَن جَوادِكَ، فَهَوَيتَ إلَى الأَرضِ جَريحا، تَطَؤُكَ الخُيولُ بِحَوافِرِها، وتَعلوكَ الطُّغاةُ بِبَواتِرِها۳، قَد رَشَحَ لِلمَوتِ جَبينُكَ، وَاختَلَفَت بِالاِنقِباضِ وَالاِنبِساطِ شِمالُكَ ويَمينُكَ، تُديرُ طَرفا خَفِيّا إلى رَحلِكَ وبَيتِكَ، وقَد شُغِلتَ بِنَفسِكَ عَن وَلَدِكَ وأَهلِكَ، وأَسرَعَ فَرَسُكَ شارِدا، وإلى خِيامِكَ قاصِدا، مُحَمحِما باكِيا.
فَلَمّا رَأَينَ النِّساءُ جَوادَكَ مَخزِيّا۴، ونَظَرنَ سَرجَكَ عَلَيهِ مَلوِيّا، بَرَزنَ مِنَ الخُدورِ، ناشِراتِ الشُّعورِ، عَلَى الخُدودِ لاطِماتٍ، لِلوُجوهِ۵ سافِراتٍ، وبِالعَويلِ داعِياتٍ، وبَعدَ العِزِّ مُذَلَّلاتٍ، وإلى مَصرَعِكَ مُبادِراتٍ.
وَالشِّمرُ جالِسٌ عَلى صَدرِكَ، مولِغٌ۶ سَيفَهُ عَلى نَحرِكَ، قابِضٌ عَلى شَيبَتِكَ بِيَدِهِ،

1.. الزيادة من بحار الأنوار .

2.. الهَبْوة : الغَبَرة النهاية : ج ۵ ص ۲۴۱ «هبا» . وهو كناية عن إقدامه في القتال وتوغّله وخوضه غمار المعركة والّتي تعلو فيها الغبرة جرّاء سنابك الخيل وحوافرها .

3.. الباتِرُ : السيف القاطع الصحاح : ج ۲ ص ۵۸۴ «غبر» .

4.. خَزِيَ خِزْيا : ذلّ وهان المصباح المنير : ص ۱۶۸ «خزي» .

5.. في المصدر: «الوجوه» ، وما أثبتناه كما في بحار الأنوار . وعلى تقدير صحّة ما في المصدر يُقرأ هكذا: «ناشِراتِ الشُّعورِ ، عَلَى الخُدود لاطِماتِ ، الوُجوهِ سافِراتٍ...».

6.. قال العلاّمة المجلسيّ رحمه‏الله : «مولغ» : من ولوغ الكلب ، على سبيل الاستعارة . وفي أكثر النسخ بالعين ؛ من أولعه به ؛ أي أغراه ، والأوّل أظهر بحار الأنوار : ج ۱۰۱ ص ۲۵۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10920
صفحه از 416
پرینت  ارسال به