الضَّرائِبِ، جَزيلَ المَواهِبِ، حَليمٌ رَشيدٌ مُنيبٌ، جَوادٌ عليمٌ شَديدٌ، إمامٌ شَهيدٌ، أوّاهٌ۱ مُنيبٌ، حَبيبٌ مَهيبٌ.
كُنتَ لِلرَّسولِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ وَلَدا، ولِلقُرآنِ مُنقِذا، ولِلاُمَّةِ عَضُدا، وفِي الطّاعَةِ مُجتَهِدا، حافِظا لِلعَهدِ وَالميثاقِ، ناكِبا۲ عَن سُبُلِ الفُسّاقِ، باذِلاً لِلمَجهودِ، طَويلَ الرُّكوعِ وَالسُّجودِ، زاهِدا فِي الدُّنيا زُهدَ الرّاحِلِ عَنها، ناظِرا إلَيها بِعَينِ المُستَوحِشينَ مِنها، آمالُكَ عَنها مَكفوفَةٌ، وهِمَّتُكَ عَن زينَتِها مَصروفَةٌ، وأَلحاظُكَ عَن بَهجَتِها مَطروفَةٌ۳، ورَغبَتُكَ فِي الآخِرَةِ مَعروفَةٌ.
حَتّى إذَا الجَورُ مَدَّ باعَهُ، وأَسفَرَ الظُّلمُ قِناعَهُ، ودَعَا الغَيُّ أتباعَهُ، وأَنتَ في حَرَمِ جَدِّكَ قاطِنٌ، ولِلظّالِمينَ مُبايِنٌ، جَليسُ البَيتِ وَالمِحرابِ، مُعتَزِلٌ عَنِ اللَّذّاتِ وَالشَّهَواتِ، تُنكِرُ المُنكَرَ بِقَلبِكَ ولِسانِكَ عَلى قَدرِ طاقَتِكَ وإمكانِكَ. ثُمَّ اقتَضاكَ العِلمُ لِلإِنكارِ، ولَزِمَكَ أن تُجاهِدَ الفُجّارَ، فَسِرتَ في أولادِكَ وأَهاليكَ، وشيعَتِكَ ومَواليكَ، وصَدَعتَ بِالحَقِّ وَالبَيِّنَةِ، ودَعَوتَ إلَى اللّهِ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ، وأَمَرتَ بِإِقامَةِ الحُدودِ، وَالطّاعَةِ لِلمَعبودِ، ونَهَيتَ عَنِ الخَبائِثِ وَالطُّغيانِ، وواجَهوكَ بِالظُّلمِ وَالعُدوانِ.
فَجاهَدتَهُم بَعدَ الإِيعاظِ لَهُم، وتَأكيدِ الحُجَّةِ عَلَيهِم، فَنَكَثوا ذِمامَكَ وبَيعَتَكَ، وأَسخَطوا رَبَّكَ وَجَدَّكَ، وَبَدؤوكَ بِالحَربِ، فَثَبَتَّ لِلطَّعنِ وَالضَّربِ، وطَحَنتَ جُنودَ الفُجّارِ، وَاقتَحَمتَ قَسطَلَ الغُبارِ۴، مُجالِدا بِذِي الفَقارِ، كَأَنَّكَ عَلِيٌّ المُختارُ.
فَلَمّا رَأَوكَ ثابِتَ الجَأشِ، غَيرَ خائِفٍ ولا خاشٍ، نَصَبوا لَكَ غَوائِلَ۵ مَكرِهِم،
1.. الأوّاهُ : المتأوّه المُتضَرِّع النهاية : ج ۱ ص ۸۲ «أوه» .
2.. نَكَبَ عنه : عَدَلَ (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۱۳۴ «نكب») .
3.. طَرَفَهُ عنه : أي صرفه وردّه الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۹۵ «طرف» .
4.. قَسطَلُ الغُبارِ : الساطع من الغبار لسان العرب : ج ۱۱ ص ۵۵۷ «قسطل» .
5.. الغَوائِلُ : الدَّواهي المصباح المنير : ص ۴۵۷ «غول» .