فشكرتهما وأسرعت إلى أعلى الجبل. وكنت متعباً جدّاً فقد ذهبت مرّة مع الزوّار، والمرّة الثانية وصلت إلى منتصف الجبل ثمّ رجعت، وهذه المرّة انطلقت بقلق وبأقصى قوّتي إلى الأعلى.
وعندما وصلت رأيت السيّدة ممدّة على الأرض وقد اسودّ وجهها، في حالة مزرية جدّاً. فسكبت أوّلاً قنينة ماء بارد على رأسها ووجها وجسمها، وطلبت الغوث من صاحب الزمان عليهالسلام، ففتحت عينيها معاً وقالت: من أنت؟ قلت: يا سيّدة زهراء، أنا حسينيّ.
قالت: أرجو المعذرة يا سيّد، فقد أوقعت نفسي وأوقعتك معي في مشكلة.
فجلست وسكبت الماء في يدها وقلت: اغسلي وجهك. وأعطيتها بعضاً من محلول السكّر والملح وشربته، وبلّلت العباءة والخمار بالماء البارد ونهضت، وعثرت على عصا وأعطيتها إيّاها، فاتّكأت عليها، وأمسكت العصا من وسطها، وبدأت بالنزول خطوة خطوة، وأنا أنزل القهقرى قدماً قدماً أيضاً.
نزلنا ما يقرب من مئتي متر، وأُغمي عليها مجدّداً، فظلّلت رأسها بورق المقوّى (الكَرتون)، ورششت الماء على رأسها ووجهها، وناديتها فعادت إلى وعيها ثانية، وأعطيتها قليلاً من المشروبات الغازية، ثمّ تحركنا نحو الأسفل، وقطعنا مسافة لعلّها مئتا متر، فسحبت نفسها مرّة أُخرى إلى جانب صخرة، وأُغمي عليها.
ما عاد في وسعي تحمّل المزيد، وجّهت وجهي إلى الكعبة وناديت صاحب الزمان عليهالسلام بآخر نفس وبأعلى صوتي: ياصاحب الزمان أدركني! يا أبا صالح المهديّ أدركني! يا أبا القاسم أدركني!
اقتربت الساعة من الحادية عشرة، وغدا الجوّ شديد الحرارة، وانقطعت المارّة بالتدريج، ولم يبق سوى بعض الهنود والباكستانيّين والأفغانيّين ينحدرون من الأعلى إلى الأسفل، وبإعداد قليلة جدّاً. وأنا كنت أنظر إلى السيّدة زهراء وأبكي.
وفي برهة من الزمن نزل رجل بملابس وشال هنديّين، وبوجه أحمر وأبيض خلافاً للهنود ووجوههم الحنطيّة الداكنة، وعندما وصل إليّ، وضع يده على كتفي وقال: