وأوقفنا النساء في طابور لتعدادهنّ وإركابهنّ أوّلاً، وكانت واحدة غائبة وهي أُمّ الشهيد زنبق. بدأنا البحث ونحن ننادي بمكبّرات الصوت، وكلّما بحثنا حولنا ونادينا لم يُثمر شيئاً، وانقضت ساعة على هذا المنوال.
أركبنا النساء في الحافلة، وأوقفنا الرجال في طابور ثمّ أركبناهم، ومازال البحث مستمرّاً لكي نجد السيّدة فاطمة، ولكن دون جدوى. وتعالى صوت السائق: لماذا تتأخّرون؟ لكنّ النتيجة أنّنا أخّرنا سفرنا ساعة أُخرى، وخلا المكان ممّن كانوا فيه، واظلمّ الجو تماماً، فأوضاع الإضاءة في ذلك الوقت ليست مثل هذه الأيّام، وظلام الليل وخلوّ تلك الأرض من الزوّار مخيف. كما تعالى صوت الركّاب أيضاً بأنّها لم يكن عليها الذهاب، وليبقَ شخص واحد فيأتي بها، ولن نصل إلى المزدلفة، وسيبطل حجّنا و....
وليس في وسعنا في مثل ذلك الوضع سوى المضيّ، فسرنا، ولكنّني رحت أُناديها باستمرار من بين الركّاب وأتوسّل بحضرة الإمام صاحب الزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
ساد سكوت مفجع بين الزائرين، ولكنّنا على كلّ حال نزلنا في مزدلفة، وفي أثناء جمع الحصيّ ليوم غد في منى، واصلت بحثي من أجل العثور على ضالّتي، فذهبت إلى أماكن تجمّع الحجّاج وبعض أنحاء الوادي، وأنا أُناديها بمكبّر الصوت اليدوي، ولكن دون جدوى.
في ذلك الوقت نوى الزوّار الوقوف في الوادي، وشُغلوا بجمع الحصيّ أو الاستراحة، وبقوا هنالك في الليل. ومع آذان الصبح جمعنا الزائرين وذكّرناهم بنيّة الوقوف، وشيئاً فشيئاً أركبنا النساء في الحافلة وتحرّكت بهنّ، وركب الرجال واستعدّوا للحركة نحو منى، وبقي القليل على طلوع الشمس. ودخلنا إلى وادي المشعر، عند شروق الشمس اتّجهنا إلى الخيام.
حملت الراية بيدي ورحت أُرشد الرجال إلى الخيمة الأُولى، وظننت أنّ المدير أتى بالنساء إلى الخيمة؛ لأنّه تمّ نقلهنّ في وقت سابق، فدخلت الخيمة، غير أنّ الشخص