315
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

وممّا ينبغي ذكره هو أنّ هناك أساليب أقلّ شهرة أو فاقدة للسند أو لها أسانيد ضعيفة يمكن أن تدخل تحت عنوان القرعة أو العناوين الكليّة الأُخرى، ثمّ تنال اعتباراً نسبيّاً من خلال التجارب المتعدّدة، إلى جانب ما يتمتّع به الشخص المستخير من مقام روحيّ ومعنويّ، كما عمل بذلك كثير من مشاهير العلماء وثقاتهم.۱

وتعدّ هذه الأساليب ـ بعد التفكير والاستشارة ـ طريقاً للخروج من حالة التردّد وعدم القدرة على اتّخاذ القرار، وهي تفرّج عمّن يحتاجها بما يتناسب وحاله، ولها كفاءة في محلّها المقرّر لها. و من بين الأساليب المتعدّدة للاستخارة هناك عدّة استخارات نُسبت إلى إمام العصر عليه‏السلام، وسنبحثها فيما يلي:

۱. الاستخارة بالدعاء

اعتبر ابن طاووس هذه الاستخارة في ضمن التوقيعات الصادرة خلال عصر الغيبة الصغرى ؛ ولأنّ البعد الزمنيّ بينه وبين النوّاب الخاصّين لإمام العصر عليه‏السلام في عهد الغيبة الصغرى يبلغ قرابة ثلاثة قرون، فلابدّ من مراجعة إمكانيّة هذه النسبة.

وهذه الاستخارة تعني الدعاء وطلب الخير من اللّه‏، ويتطابق شكلها ومضمونها مع كثير من أساليب الاستخارة الموصى بها في الأحاديث، على الرغم من اختلافها مع الاستخارات المتداولة في هذه الأيّام ؛ ولهذا لاشائبة في القبول بنصّ الحديث.۲

و بالنسبة إلى سند الحديث فهو ضعيف ؛ وذلك لعدم تحديد مصدر حديث ابن طاووس ومؤلّفه ؛ وهو محمّد بن عليّ بن محمّد، وتضعيف علماء رجال الشيعة الصريح للراوي الأوّل في الحديث ؛ وهو أبو دلف محمّد بن مظفّر۳، ولا يمكن اعتبار الحديث مقبولاً إلاّ بالقبول بقاعدة التسامح في أدلّة السنن، أو عن طريق التعاضد المضموني.

1.. لمعرفة هؤاء العلماء واستخاراتهم العجيبة، راجع: استخاره وتفأل «بالفارسيّة» .

2.. للإطّلاع على نصّ خبر ابن طاووس ، راجع: ص ۳۰۹ ح ۱۱۰۶.

3.. راجع: قاموس الرجال: ج۹ ص ۵۹۰ الرقم ۷۲۸۶.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
314

العمل أو عدم صلاحه على أساس عدد المقدار المتبقي من الخرز. وبعض هذه الأساليب ـ ولاسيّما ذات الرقاع وما يرافقها من دعاء ومناجاة ـ مشهورة وتستند إلى أحاديث تدلّ عليها.

وقد نظر السيّد ابن طاووس ـ المحدّث الكبير في القرن السابع الهجريّ ـ إلى هذه الأحاديث بعين الرضا، وجمع وصنّف الطرق المطروحة للاستخارة في كتابه الشهير فتح الأبواب.۱

وضارعه العلاّمة المجلسيّ في عمله، وأعرب عن رأيه الكلّيّ فقال:

الأصل في الاستخارة الذي يدلّ عليه أكثر الأخبار المعتبرة هو: أن لا يكون الإنسان مستبدّاً برأيه، معتمداً على نظره وعقله، بل يتوسّل بربّه تعالى ويتوكّل عليه في جميع أُموره، ويقرّ عنده بجهله بمصالحه، ويفوّض جميع ذلك إليه، ويطلب منه أن يأتي بما هو خير له في أُخراه وأُولاه، كما هو شأن العبد الجاهل العاجز مع مولاه العالم القادر، فيدعو بأحد الوجوه المتقدّمة مع الصلاة أو بدونها، بل بما يخطر بباله من الدعاء إن لم يحضره شيء من ذلك، للأخبار العامّة، ثمّ يأخذ فيما يريد ثمّ يرضى بكلّ ما يترتّب على فعله من نفع أو ضرّ. وبعد ذلك الاستخارة من اللّه‏ سبحانه، ثمّ العمل بما يقع في قلبه ويغلب على ظنّه أنّه أصلح له.

وبعده الاستخارة بالاستشارة بالمؤمنين، وبعده الاستخارة بالرقاع أو البنادق أو القرعة بالسبحة والحصا أو التفؤل بالقرآن الكريم، والظاهر جواز جميع ذلك كما اختاره أكثر أصحابنا.۲

1.. إضافة إلى كتاب فتح الأبواب بين ذوي الألباب وبين ربّ الأرباب في الاستخارات ـ المؤلّف في القرن السابع ـتمكن الإشارة إلى مفاتح الغيب كتأليف مستقلّ للعلاّمة المجلسيّ عن الاستخارة، وإلى كتابه بحار الأنوار: ج۹۱ ص ۲۲۲ ـ ۲۸۸، ومفتاح الفرج تأليف محمّد حسين خاتون آبادي ت۱۱۵۱ه، وعديد من الكتب الأُخرى المذكورة في كتاب الذريعة: ج۲ ص ۲۰. وفي العصر الحاليّ نشير إلى كتاب استخاره وتفأل (بالفارسيّة) تأليف أبوالفضل طريقه دار، و بجوهشي درباره استخاره (بالفارسيّة) تأليف مرتضى الحسينيّ الإصفهانيّ .

2.. بحار الأنوار: ج ۹۱ ص ۲۸۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10749
صفحه از 416
پرینت  ارسال به