291
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

الإجابة عن السؤل السابع

ينبغي القول في الإجابة عن هذا السؤل: إنّ الإسراع في أمر تاريخيّ يختلف اختلافاً كثيراً عنه في أمر فرديّ، فآمالنا ومثلنا الشخصيّة تتشكّل خلال عمر يبلغ عدّة عقود من الزمن، تطلب وتُتابع وتتحقّق في بعض الأحيان، ولكنّ تحقّق المطالب التاريخيّة يستلزم مئات بل الآف السنين.

ويمكن سوق نماذج عديدة في هذا الصدد: فالنبيّ نوح عليه‏السلام تابع هداية أُمّته ونجاتهم مئات السنين، وراح يطلبهما من اللّه‏ دوماً، وانتظر قوم بني إسرائيل مَن يخلّصهم مِن أيدي فرعون وأنصاره عدّة قرون، كما انتظر يهود الحجاز قروناً متتالية النبيّ الذي يسحق المشركين.

وكلّ هذه المطالب من أجل أُمّة واحدة وفي منطقة محدّدة، وبناء عليه فليس ببعيد عن الذهن أن يحتاج نجاة البشر عامّةً، وفي نطاق يسع الكرة الأرضيّة بأسرها، إلى أن يدعو جميعُ الناس ـ أو بعضهم كحدّ أدنى ـ في كلّ منطقة من الأرض قروناً متوالية من أجل تحقّق عدالة تسري في أرجائها كافّة، وتمحق الظلم من كلّ زاوية يقبع فيها ؛ ليمتلئ العالم بأريج العدالة والأُخوّة.

إضافة إلى أنّ الإسراع في أمر تاريخيّ لا يعني بالضرورة تقديمه قرناً أو قرنين ؛ لأنّ القرن الواحد في طول التاريخ بأسره كيوم في عمرنا، ولو فرضنا أنّ تحقّق ظهور إمام العصر والمهديّ الموعود عليه‏السلام يجب أن يكون بعد عشرين قرناً، فحينئذٍ يمكن تصوّر تأثير الدعاء لتعجيل الفرج وتقديمه لعدّة قرون، وإن لم يكن ذلك معلوماً ومحسوساً لنا ولعشرات الأجيال الأُخرى.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
290

الجميع بهذه الوسيلة، وتجعل أجر صبرهم على الآلام زادا لآخرتهم.

وبناء عليه، يمكن أن يمرض إمام العصر عليه‏السلام أيضاً لساعات وأيّام، ويصيبه الألم جرّاء شوكة أو جرح جسمه المبارك، مثلما مرض قبله الأئمّة والأنبياء عليهم‏السلام لأيّام، وأحياناً لأعوام كأيّوب عليه‏السلام، ولهذا لا يستلزم طول عمر إمام العصر عليه‏السلام عدم مرضه، أو إصابة رجله بشوكة، أو سقوطه من مرتفع، وتعرّضه لكسر في جسمه، بل ربّما تؤي أعمالُ الكثير من الناس جسدَ الإمام عليه‏السلام وروحه الشريفة فيُمرضه لعدّة أيّام.

إضافة إلى إمكانيّة حصول أحداث غير متوقّعة في المستقبل تجعل أمر القيام في مواجهة صعوبات جسيمة، أو تضرّ بالإمام المهديّ عليه‏السلام وتعرّض سلامته إلى الخطر، وهذا يعني أنّ علينا من الآن أن نفكّر بالخلاص من هذه المخاطر، واجتياز مرحلة الانتظار وأحداث القيام بسلامة باتّخاذ سبيل الدعاء والتوسّل.

وبعبارة أُخرى: يمكن أن تبدو الحكمة من بعض الأدعية وسبب الحاجة إليها غامضة لدينا، ولكنّها حاجة حتميّة جليّة للآتين في المستقبل.

ويمكن ايضاً اعتبار هذه الأدعية ناظرة إلى عهد الغيبة الصغرى ؛ لاحتمال وصول الأعداء إلى إمام العصر عليه‏السلام عبر معرفة نوّابه الخاصّين والأشخاص المرتبطين به والضغط عليهم، ويكفي هذان الاحتمالان لوجود الأدعية المشار إليها وقبولها.

وتأسيساً على ذلك وعلى ما سلف في مقدّمة البحث ـ من أنّ تحقّق المطالب يستلزم الدعاء أيضا ـ فمن الممكن أن تتعلّق سلامة منقذنا بدعائنا وسؤلنا، وعندئذٍ نستطيع بالدعاء والصدقات والنذور والتوسّل والخيرات والمبرّات إبعاد الأمراض الجسديّة ومخاطر الكوارث الطبيعيّة الشاملة لجميع البشر بنحو عامّ، وكذلك احتمال أذى الأعداء، والمعاناة الناشئة من ذنوب الناس وأعمالهم غير اللاّئقة التي ربّما نشاركهم فيها ؛ نبعدها عن ذلك الكيان العزيز.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10671
صفحه از 416
پرینت  ارسال به