مطار جدّة الواقع بالقرب من المدينة التي تحمل ذات الاسم، هناك مكان معروف يُسمّى بمدينة الحاجّ، يتكوّن من ثلاث طبقات، طابقه الأسفل هو عبارة عن مطبخ للقوافل، ولقلّة وسائل النقل إلى المدينة أو الجحفة يتوجّب على الزوّار البقاء في مدينة الحاجّ لمدّة يومين أو أكثر حتّى تصلهم النوبة لنقلهم.

اشتملت الطبقتان الاُولى والثانية من مدينة الحاجّ على غرف كبيرة وعديدة مخصّصة بسكن الحجّاج حتّى يصل موعد حركتهم، وتكوّنت الغرفة التي خُصّصت بقافلتنا من ۳۶ سريراً ذا ثلاثة طوابق، وهي تفي بحاجة كلّ القافلة، فاختار كلّ زائر سريراً، وانتظرت حتّى يختار الجميع المكان الذي يرغب فيه، وأحصل على أيّ سرير يتبقّى، فأخذ كلّ شخص مكانه، وكان المتبقّي سريرا في الطابق الثالث في زاوية الغرفة، فأخذته.

شُغل كلّ زائر من الزوّار بعملٍ ما، فأحدهم يأكل المكسّرات، فيما انشغل آخرون بالحوارات، وبينما أنا جالس رأيت رجلاً مكشوف الرأس بشعر فاحم لمّاع ولحية سوداء دخل الغرفة، وراح ينظر إلى الزوّار والأسرّة واحدا بعد واحد، كمن يبحث عن شخص أضاعه، ولم ينتبه له أيّ زائر، فكلّ منهم شُغل بعمله.

فكّرت في أنّه يبحث عن أحدٍ ما، فنزلت من فوق السرير وتقدّمت إلى الأمام وسلّمت عليه، وردّ عليّ سلامي، ومع أنّني أردت سؤله عمّن يبحث عنه، سألته من غير قصد: هل أتيت هذه السنة للحجّ أم أنّك تأتي كل سنة؟

قال: آتي كلّ سنة.

سألته: هل تأتي كلّ سنة لنفسك أم نيابة عن أحد، وبنفقة أحد؟

قال: آتي كلّ سنة لنفسي وبنفقتي.

قلت: الآن وأنت تأتي كلّ سنّة، فادعُ لي بأن آتي كلّ سنة أيضاً.

فابتسم وقال: أنت أيضاً ستأتي إن شاء اللّه‏!

ثمّ قال بعد ذلك: أخرج ذلك الدفتر الرصاصيّ الصغير من جيبك، وسأُملي عليك ختماً فاكتبه.

القصّة نقلاً عن جناب العلاّمة الملاّ محمّد عليّ أحد تلامذة المرحوم الميرزا محمّد باقر الإصطهباناتي، وقال في نهاية القصّة:

ثمّ قال الميرزا: رتّب لي لقاءً معه لأتشرّف بخدمته. فلمّا نقل إليه ما طلبه الميرزا، قال: لا! لو تقرّر الأمر فسأذهب بنفسي إلى بيت الميرزا.

ثمّ استفسر منه الميرزا بتوسّط ذلك الملاّ عن ثلاث مسائل:

الأُولى: هل تجب التسبيحات الأربع في الصلاة مرّة واحدة، أم ثلاث مرّات؟

فأتى بالجواب: مرّة واحدة.

الثانية: هل عمل أُمّ داود هو بالكيفيّة التي نقلها المرحوم المجلسيّ، أم لا؟

فأتى بالجواب: لا، ويمكن الحصول على نسختها الصحيحة.

قال الملاّ محمّد علي: وكلّما بحث الميرزا عن تلك النسخة في شيراز لم يعثر عليها.

وأمّا المسألة الثالة فقد نسيها الراوي.

ثمّ قال الميرزا: بعد مدّة فُقد ذلك الآخوند أيضاً، ولم يُعلم إلى أين ذهب.^۱

۵ / ۹

رعاية الإمام۷ للسيّد يحيى الحسينيّ^۲

لحجّة الإسلام والمسلمين السيّد يحيى الحسينيّ الخَواطر الجميلة عن الحجّ، حرّرها وقدّمها إليّ بناءً على طلبي.

والخاطرة الأُولى كما يلي:

ذهبت إلى مكّة المكرّمة لأوّل مرّة في قافلة تحرّكت من طهران سنة ۱۳۸۶ه. وفي