287
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

وعلى هذا الأساس بوسعنا الآن الإجابة عن الأسئلة، علماً بأنّ بعض الأدعية ربّما بدت مفهومة في عصر وغامضة في عصر آخر، فمثلاً يمكن لأدعية حفظ إمام العصر عليه‏السلام من كيد الحكّام أن تتعلّق بأيّام الغيبة الصغرى، وقلّما نحتاج إليها في عصر الغيبة الكبرى.۱

الإجابة عن الأسئلة الثلاثة الأُولى

بناء على المقدّمة الأُولى نقول: على الرغم من حتميّة القيام المهدويّ، إلاّ أنّ دعاءنا ودعاء الآلاف على مرّ التاريخ يمكنه أن يصبح جزءاً من العلّة التامّة والتقدير الإلهيّ لظهور إمام العصر عليه‏السلام، فمن خلال الدعاء والطلب من اللّه‏ واجتماع العوامل الأُخرى، تنشأ أرضيّة العلّة التامّة لظهور إمام العصر عليه‏السلام وقيامه، وتتحقّق حتميّة الوعد الإلهيّ.

حريّ بالذكر أنّ أصل قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام حتميّ، ولكن ما ليس مقطوعاً به هو زمانه وكيفيّة وقوعه، وتيسيره أو صعوبته، وعدد المشاركين فيه، وهذا يفتح مجالاً جديداً للدعاء والمناجاة، وعلى هذا الأساس يعتبر تحقّق آثار القيام ووصول الثورة إلى كمالها، أمراً يحتاج إلى توفّر عشرات العوامل ومئات التمهيدات، وجزء منها الدعاء والتضرّع إلى الربّ الرحيم. كما يتولّى الاهتمام بمضامين الأدعية رسمَ المجتمع الشيعيّ المثاليّ ويبيّن مدى بعدنا عنه، ممّا يذكّرنا بمسؤليّتنا في التمهيد للظهور.

وبهذا النحو يمكن أن يرتبط بدعائنا مشاركة الملائكة في الثورة وعددهم وموعد مجيئهم للنصرة، ونتيجة لاستجابة الأدعية سيأتي للنصرة مزيد من الملائكة، إضافة إلى أنّ تكرار هذه الأدعية سيؤّي إلى إشعاع نور الأمل في قلوب المنتظرين للظهور، والتعزيز الروحيّ لأنصار الإمام.

الإجابة عن السؤل الرابع

ينبغي علينا الرضا بالتقدير الإلهيّ، ومع هذا فإنّ في وسعنا تغيير جزء منه وفقاً لما نرغب

1.. راجع: ص ۲۸۹ (الإجابة عن السؤال السادس).


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
286

موته، وأعلن خبر وفاته بهدوء وصبر، وأظهر رضاه بالقضاء الإلهيّ.۱

ولعلّ الدعاء التالي في أمر الإمام عليه‏السلام إلى نائبه العمريّ ينصبّ في هذا السياق:

فَصَبِّرني عَلى ذلِكَ حَتّى لا أُحِبَّ تَعجيلَ ما أخَّرتَ، ولا تَأخيرَ ما عَجَّلتَ.۲

أي ينبغي علينا الدعاء والإصرار في سؤل اللّه‏ تعالى، ولكن نطلب أيضاً أن نرضى بحكمته وتقديره لو كان صالحنا في شيء آخر، بل نقبل بتقديمه وتأخيره ونراه في خيرنا وصلاحنا.

۴ ـ للدعاء أثر في تلقين التعاليم الدينيّة والغيبيّة للداعي وسموّه الروحيّ وتقوية حسّه التوحيديّ، إضافة إلى إسدائه يد العون لنيل ما نطلبه ويرضاه اللّه‏.

وهو يشترك في منح الداعي هوية خاصّة، ويبيّن موقفه الاجتماعيّ والسياسيّ، ويثير فيه الشعور بالمسؤليّة تجاه ما يقع على عاتقه، ويُشاهَد هذا الأمر في كثير من أدعيتنا لإمام العصر عليه‏السلام.

كما أنّنا نذكّر أنفسنا في هذه الأدعية: لتحقّق أيّ آثار نعيشُ الإنتظار؟ وكيف نكوّن أنفسنا لنغدو مؤّلين للمجتمع المهدويّ المثاليّ؟ وإذا رغبنا في الرجعة والاشتراك في الثورة، فكيف نعيش ونبني ذواتنا ونسمو بأرواحنا؟

۵ ـ إنّ الأدعية المأثورة ـ في الحقيقة ـ هي أحاديث تقتفي دراسة صحّتها وسقمها قواعدَ التقييم لسند الحديث ونصّه، ولهذا لو استعصى حديث على فهمنا وافتقر إلى سند معتبر، فلا يجب القبول به، على الرغم من أنّه لا يمكن رفضه بيسر وينبغي إيكال علمه إلى أهله، وهي الوظيفة التي أوصت بها بعض الروايات.۳

1.. راجع: الكافي: ج ۳ ص ۲۲۵ ح ۱۱: «إنا أهلَ البَيتِ إنَّما نَجزَعُ قَبلَ المُصيبَةِ، فَإذا وَقَعَ أمرُ اللّه‏ِ رَضينا بِقَضائِهِوسَلَّمنا لأمرِهِ».

2.. راجع: ص ۲۷۱ ح ۱۰۹۱.

3.. راجع: بصائر الدرجات: ص ۵۵۷ وتحف العقول: ص ۱۱۶ ووضع ونقد حديث بالفارسيّة: ص ۱۷۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10734
صفحه از 416
پرینت  ارسال به