285
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

فرجه؟ هل الأثر الوحيد لهذه الأدعية هو التلقين أو اكتساب المعارف؟

وتنبغي الإشارة إلى عدّة مقدّمات عامّة قبل الإجابة عن هذه الأسئلة، ثمّ نجيب عنها.

مقدّمات البحث

۱ ـ إنّ أصل الظهور من الأُمور المحتومة، ولكنّ زمان وقوعه يقبل البداء، ومن شأنه أن يتقدّم أو يتأخّر، مثل الأجل والموت ؛ أي من الممكن أن يكون قد قدّر اللّه‏ للفرج زمنين أحدهما معلّق والآخر مسمّى (قطعيّ)، مثل أجل الإنسان، فلو تحقّق الدعاء والأعمال المناسِبة من العباد، حينها يتحقّق التقدير الأوّل وتقصر مدّة الغيبة، وإلاّ طالت وتطابقت مع تقديرها المسمّى والقطعيّ. وقد ضمّ كتاب تفسير العيّاشي حديثاً يدلّ على هذا الأمر وعلى تأثير سؤل اللّه‏ تعالى لتعجيل الفرج.۱

۲ ـ لا يتغيّر القضاء الحتميّ والتقدير الإلهيّ القطعيّ بسؤلنا ودعائنا، ولكن هذا كلّه لا يحول دون الدعاء ؛ إذ إن تحقّق الأُمور الحتميّة يتأتّى من اجتماع جميع أرضيّاتها وعواملها المختلفة، حيث يوفّر كلّ منها جزءاً صغيراً أو كبيراً من العلّة التامّة لذلك الأمر، و من شأن الدعاء أيضاً أن يكون جزءاً من تلك العلّة التامّة.

وبلغة فلسفيّة: إنّ اللّه‏ قرّر أن تتحقّق الأعمال في هذه الدنيا بتوسّط الأسباب والمسبّبات، ولا ضير في أنّ بعض هذه الأسباب أُمور غيبيّة غير مرئيّة، وأفعال كالدعاء.

۳ ـ إنّ مقام الرضا بالتقدير الإلهيّ والتسليم لقضائه يأتي بعد إبرام التقدير ووقوعه ؛ ولذلك لا ينبغي اعتبار الدعاء والمسألة ـ وهي جزء من العوامل السابقة لحتميّة التقدير ووقوعه ـ تدخّلاً في التقدير الإلهيّ أو كراهة له.

ومعنى ذلك أنّ علينا التضرّع والبكاء للّه‏ تعالى، ولكنّنا نرضى في النهاية بما يقدّره، كالإمام الصادق عليه‏السلام عندما قلق لمرض ولده قبل وفاته وأخذ يدعو له، ولكنّه لم يجزع بعد

1.. راجع: ص ۱۲۲ ح ۱۰۱۲.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
284

تحت الموضوعات المتقدّمة، مثل: الدعاء لتعجيل الفرج۱، وتيسيره۲، وتسهيل حياة الإمام عليه‏السلام في أيّام الغيبة والاختفاء عن عيون الأعداء۳، وبعض آخر من هذه الأدعية دعاء الإمام لأنصاره، وهي لا ترتبط بموضوع البحث: «وَاجمَع لي أصحابي، وصَبِّرهُم».۴

ويلاحظ أنّ طيفاً واسعاً من الحاجات طُرح في هذه الأدعية، وعديد منها واضح لا إشكال فيه، ولكنّ بعضها تثير التساؤ، وسنبحثها فيما يلي بصورة أسئلة سبعة:

سبعة أسئلة

۱ ـ إنّ ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام أمر حتميّ لا بداء فيه، فما الحاجة إذن إلى الدعاء والطلب حين يكون تحقّق مثل هذا الأمر الحتميّ وعداً إلهيّاً لا يُخلف؟

۲ ـ هل يحتاج تحقّق آثار القيام ـ وهي فلسفة النهضة العالميّة للمهديّ عليه‏السلام ـ إلى الدعاء؟

۳ ـ هل هناك شكّ أو تردّد في نصرة الملائكة للإمام المهديّ عليه‏السلام لكي يحتاج الأمر إلى الدعاء؟

۴ ـ التعجيل في الفرج هو مضمون كثير من الأدعية، في حين لا يطلب العبد المطيع والراضي بقضاء اللّه‏ تعجيل أيّ من المقدّرات الإلهيّة أو تأجيلها!

۵ ـ سُئل اللّه‏ تعالى في عدد من الأدعية أن يكون منقذ البشر هو المهديّ المنتظر، فهل في هذا الأمر ترديد؟ !

۶ ـ ألم يتفضّل اللّه‏ على الإمام المهديّ عليه‏السلام بعمر طويل ويحفظه سالماً ومعافى، فلماذا ندعو لسلامته؟ وهل يراه الأعداء أو يقدرون على إيذائه؟

۷ ـ لماذا لم تؤّر حتّى الآن أدعيتنا أو أدعية صاحب الزمان عليه‏السلام نفسه، ولم تعجّل

1.. راجع: ص ۱۹۴ ح ۱۰۵۰ دلائل الإمامة و ص ۱۹۵ ح ۱۰۵۱ (مهج الدعوات).

2.. راجع: ص ۱۹۱ ح ۱۰۴۷ مهج الدعوات.

3.. راجع: ص ۱۹۵ ح ۱۰۵۱ مهج الدعوات.

4.. راجع: ص ۱۹۲ ح ۱۰۴۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10558
صفحه از 416
پرینت  ارسال به