27
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

المدينة) وقل له أن يدرّسك المنطق، وفي أيّ وقت هجم على قلبك الحزن فأنا حاضر.

ذهب إلى خادم المدرسة، وأعطاه غرفة بدون تأخير، كما ذهب إلى الفقيه والحكيم وبدأ دروسه لديهما (ويبدو أنّ الشيخ محمّد حسين الإصفهاني قرأ الفلسفة أيضاً لدى ذلك الحكيم).

وذات يوم قال لأُستاذه: أنت لديك زوجة بالعقد المؤّت، وقد وَضَعت الكتاب في خزانة صغيرة۱، وأنت الآن تدرّسني بدون مطالعة مسبقة.

بهُت الأُستاذ، فمن هذا الشخص الذي يعرف أسرار حياته! فسأله: من أنت؟ فأخبره بقصّته، فقبّل الأُستاذ يده وتواضع له. فتحيّر الطالب في معنى تلك التصرّفات!

ثمّ قال له الأُستاذ: لديّ طلب واحد منك فقط، أُريد أن تستأذن لي من ذلك السيّد لأتشرّف بلقائه لخمس دقائق فقط.

فقال: هذا ليس بالأمر الصعب، فهو يسمح لي برؤيته في أيّ وقت أشاء، ويُصغي لكلّ ما أقوله. فبكى الأُستاذ وتوسّل إليه بأن يأخذ له موعداً، ولكنّه لم ينتبه لأهمّية الموضوع.

وحينما رآه الأُستاذ في المرّة التالية سأله: ماذا حصل؟ أجابه: عندما غادرت هذا المكان، طلبت السيّد فحضر وبادرني بالحديث قبل أن أتكلّم بشيء وقال: قل له: لو طبّق ذلك العمل (التوبة) الذي قمت به، سوف نأتي بأنفسنا ولا حاجة لأن يأخذ موعداً.

بعدها قال الأُستاذ: هل نبدأ الدرس؟ فقال له: إنّ السيّد يقول: لا حاجة إلى الدرس. ثمّ ودَّعَ وذهب، ولم يُرَ مرّةً أُخرى.

وعلى إثر هذه الحادثة حصل تغيّر روحيّ جذريّ للأُستاذ، واختار العزلة.

وممّا ينبغي ذكره هو أنّ آية اللّه‏ محمّد عليّ الأراكيّ(ره) نقل رواية أُخرى لهذه

1.. بالفارسيّة: دولابچه.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
26

حسين الإصفهانيّ، والأخير عن صاحب القصّة الأصليّ.

أمّا القصّة فيُروى أنّه في إحدى قرى شاهرود توفّي عالمهم الديني، فحلّ ابنه الملاّ محلّه، وأدار جميع الأُمور الدينيّة مع أنّه كان أُمّياً، والشيء الوحيد الذي بقي له من والده أنّه كان يؤّي غسل الجمعة في اليوم المذكور!

وفي ذات يوم نظر في المرآة ورأى لحيته قد علاها الشيب، فانتبه إلى نفسه قائلاً: إنّني كنت في هذه المدّة أُجيب الناس عن أيّ مسألة يسألونها كما يحلو لي، وأتدخّل في كلّ أمر، وحان الآن وقت الموت، فماذا أفعل؟! سأكون بائساً هناك.

بعد هذه الحادثة جمع أهل القرية وصعد المنبر ليصلح ما فات، وقال: أيّها الناس! قصّتي هي أنّني كلّ ما قلته لكم كان عبثاً، وكلّ ما سألتموه وأجبتكم عنه لم يكن له أساس من الصحّة، وكلّ ما أخذته منكم أخذته بالباطل، وها أنا أمامكم فافعلوا بي ما شئتم! فهجم الناس وبصقوا عليه وضربوه، وتفرّق المجلس.

عاد إلى البيت وقال لزوجته وأبنائه: أنا لم أعد قادراً على البقاء هنا، سأرحل وأستودعكم اللّه‏. فقطع الفيافي جائعاً ظمآناً، أينما يصل يغتذي على خبز يابس، حتّى وصل إلى طهران.

ثمّ يكمل هذا الرجل قصّته قائلاً: عندما وصلت إلى طهران هجمَت على قلبي كلّ هموم العالم، وقلت في نفسي: ذلك هو ماضيّي، وهذا ما وصلت إليه، وهذه الدنيا! وعندما يئست تماماً رأيت شخصاً يسير إلى جانبي، فنظر إليّ وقال: لا تحزن! حينها رأيت أنّ كلّ غمّ وغصّة قد غادراني.

ثمّ قال لي: اذهب إلى المدرسة الفلانيّة (وذكر عنوانها) وقل للخادم أن يُعطيك غرفة، وسيعطيك! بعدها اذهب إلى فلان (وهو الفقيه الأوّل في المدينة) وقل له أن يدرّسك الشرائع. بعدها اذهب إلى فلان الحكيم (وهو أوّل حكيم مشهور في

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10915
صفحه از 416
پرینت  ارسال به