201
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

مُنابَذَتِهِ، حَتّى قَتَلَ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ.۱
ولَمّا قَضى نَحبَهُ وقَتَلَهُ أشقَى الآخِرينَ يَتبَعُ أشقَى الأَوَّلينَ، لَم يُمتَثَل أمرُ رَسولِ اللّه‏ِ ـ صَلَّى اللّه‏ُ عَلَيهِ وآلِهِ ـ فِي الهادينَ بَعدَ الهادينَ، وَالاُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقتِهِ، مُجتَمِعَةٌ۲ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ وإقصاءِ وُلدِهِ، إلاَّ القَليلَ مِمَّن وَفى لِرِعايَةِ الحَقِّ فيهِم.
فَقُتِلَ مَن قُتِلَ، وسُبِيَ مَن سُبِيَ، واُقصِيَ مَن اُقصِيَ، وجَرَى القَضاءُ لَهُم بِما يُرجى لَهُ حُسنُ المَثوبَةِ، إذ كانَتِ الأَرضُ للّه‏ِِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ الصّالِحينَ، وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ، وسُبحانَ رَبِّنا إن كانَ وَعدُ رَبِّنا لَمَفعولاً، ولَن يُخلِفَ اللّه‏ُ وَعدَهُ، وهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ.
فَعَلَى الأَطائِبِ مِن أهلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ ـ صَلَّى اللّه‏ُ عَلَيهِما وآلِهِما ـ فَليَبكِ الباكونَ، وإيّاهُم فَليَندُبِ النّادِبونَ، ولِمِثلِهِم فَلتُدَرَّ۳ الدُّموعُ، وَليَصرُخِ الصّارِخونَ، ويَضِجَّ الضّاجّونَ، ويَعِجَّ العاجّونَ.
أينَ الحَسَنُ ؟ أينَ الحُسَينُ ؟ أينَ أبناءُ الحُسَينِ ؟ صالِحٌ بَعدَ صالِحٍ، وصادِقٌ بَعدَ صادِقٍ، أيَن السَّبيلُ بَعدَ السَّبيلِ ؟ أينَ الخِيَرَةُ بَعدَ الخِيَرَةِ ؟ أينَ الشُّموسُ الطّالِعَةُ ؟ أينَ الأَقمارُ المُنيرَةُ ؟ أينَ الأَنجُمُ الزّاهِرَةُ ؟ أينَ أعلامُ الدّينِ وقَواعِدُ العِلمِ ؟ أينَ بَقِيَّةُ اللّه‏ِ الَّتي لاتَخلو مِنَ العِترَةِ الهادِيَةِ ؟ أينَ المُعَدُّ لِقَطعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ ؟ أينَ المُنتَظَرُ لاِءِقامَةِ الأَمتِ۴ وَالعِوَجِ ؟ أينَ المُرتجى لاِءِزالَةِ الجَورِ وَالعُدوانِ ؟ أينَ المُدَّخَرُ لِتَجديدِ

1.. الناكثون : أهل الجمل ؛ لأنّهم نكثوا البيعة ؛ أي نقضوها . والقاسطون : أهل صفّين ؛ لأنّهم جاروا في حكمهموبغوا عليهم . والمارقون : الخوارج ؛ لأنّهم مرقوا من الدين مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۳۰ «نكث» .

2.. في المصدر : «مجمعة» ، وما في المتن أثبتناه من المصادر الاُخرى .

3.. فلتذرف خ . ل .

4.. الأمْتُ : الانخفاض والارتفاع والاختلاف في الشيء لسان العرب : ج ۲ ص ۵ «أمت» .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
200

النّاسِ مِن شَجَرٍ شَتّى». وأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارونَ مِن موسى، فَقالَ لَهُ: «أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلاّ أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي». وزَوَّجَهُ ابنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمينَ، وأَحَلَّ لَهُ مِن مَسجدِهِ ما حَلَّ لَهُ، وسَدَّ الأَبوابَ إلاّ بابَهُ، ثُمَّ أودَعَهُ عِلمَهُ وحِكمَتَهُ، فَقالَ: «أنَا مَدينَةُ العِلمِ وعَلِيٌّ بابُها، فَمَن أرادَ الحِكمَةَ فَليَأتِها مِن بابِها».
ثُمَّ قالَ: «أنتَ أخي ووَصِيّي ووارِثي، لَحمُكَ مِن لَحمي، ودَمُكَ مِن دَمي، وسِلمُكَ سِلمي، وحَربُكَ حَربي، وَالإِيمانُ مُخالِطٌ لَحمَكَ ودَمَكَ، كَما خالَطَ لَحمي ودَمي، وأَنتَ غَداً عَلَى الحَوضِ مَعي، وأَنتَ خَليفَتي، وأَنتَ تَقضي دَيني وتُنجِزُ عِداتي۱، وشيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِن نورٍ مُبيَضَّةً وُجوهُهُم حَولي فِي الجَنَّةِ، وهُم جيراني، ولَولا أنتَ يا عَلِيُّ لَم يُعرَفِ المُؤمِنونَ بَعدي». وكانَ بَعدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ، ونوراً مِنَ العَمى، وحَبلَ اللّه‏ِ المَتينَ، وصِراطَهُ المُستَقيمَ. لا يُسبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ، ولا بِسابِقَةٍ في دينٍ، ولا يُلحَقُ في مَنقَبَةٍ مِن مَناقِبِهِ، يَحذو حَذوَ الرَّسولِ صَلَّى اللّه‏ُ عَلَيهِما وآلِهِما، ويُقاتِلُ عَلَى التَّأويلِ، ولا تَأخُذُهُ في اللّه‏ِ لَومَةُ لائِمٍ.
قَد وَتَرَ۲ فيهِ صَناديدَ العَرَبِ۳، وقَتَلَ أبطالَهُم، وناهَشَ ذُؤبانَهُم۴، وأَودَعَ۵ قُلوبَهُم أحقاداً بَدرِيَّةً وخَيبَرِيَّةً وحُنَينِيَّةً وغَيرَهُنَّ، فَأَضَبَّت۶ عَلى عَداوَتِهِ، وأَكَبَّت عَلى

1.. العِدَة : الوعد ، ويجمع على عدات الصحاح : ج ۲ ص ۵۵۱ «وعد» .

2.. وَتَرْتُ الرَجُل : إذا قتلت له قتيلاً لسان العرب : ج ۵ ص ۲۷۴ «وتر» .

3.. صَنَادِيدُ العرب : أشرافهم وعظماؤهم ورؤساؤهم اُنظر : النهاية : ج ۳ ص ۵۵ «صند» .

4.. قال العلاّمة المجلسيّ قدس‏سره : قوله : «ناهش ذُؤبانهم» في بعض النسخ : «ناوش» ، يُقال : نهشه ، أي عضّه أو أخذه بأضراسه . والمناوشة : المناولة في القتال . وذؤبان العرب : صعاليكهم ولصوصهم بحارالأنوار : ج ۱۰۲ ص ۱۲۳ .

5.. في بعض نسخ المصدر وبحار الأنوار : «فأودع» .

6.. أضبّوا عليه : أي أكثروا . يقال : أضبّوا؛ إذا تكلّموا متتابعاً ، وإذا نهضوا في الأمر جميعاً النهاية : ج ۳ ص ۷۰ «ضبب».

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10898
صفحه از 416
پرینت  ارسال به