مُنابَذَتِهِ، حَتّى قَتَلَ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ.۱
ولَمّا قَضى نَحبَهُ وقَتَلَهُ أشقَى الآخِرينَ يَتبَعُ أشقَى الأَوَّلينَ، لَم يُمتَثَل أمرُ رَسولِ اللّهِ ـ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ ـ فِي الهادينَ بَعدَ الهادينَ، وَالاُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقتِهِ، مُجتَمِعَةٌ۲ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ وإقصاءِ وُلدِهِ، إلاَّ القَليلَ مِمَّن وَفى لِرِعايَةِ الحَقِّ فيهِم.
فَقُتِلَ مَن قُتِلَ، وسُبِيَ مَن سُبِيَ، واُقصِيَ مَن اُقصِيَ، وجَرَى القَضاءُ لَهُم بِما يُرجى لَهُ حُسنُ المَثوبَةِ، إذ كانَتِ الأَرضُ للّهِِ يورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ الصّالِحينَ، وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ، وسُبحانَ رَبِّنا إن كانَ وَعدُ رَبِّنا لَمَفعولاً، ولَن يُخلِفَ اللّهُ وَعدَهُ، وهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ.
فَعَلَى الأَطائِبِ مِن أهلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ ـ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِما وآلِهِما ـ فَليَبكِ الباكونَ، وإيّاهُم فَليَندُبِ النّادِبونَ، ولِمِثلِهِم فَلتُدَرَّ۳ الدُّموعُ، وَليَصرُخِ الصّارِخونَ، ويَضِجَّ الضّاجّونَ، ويَعِجَّ العاجّونَ.
أينَ الحَسَنُ ؟ أينَ الحُسَينُ ؟ أينَ أبناءُ الحُسَينِ ؟ صالِحٌ بَعدَ صالِحٍ، وصادِقٌ بَعدَ صادِقٍ، أيَن السَّبيلُ بَعدَ السَّبيلِ ؟ أينَ الخِيَرَةُ بَعدَ الخِيَرَةِ ؟ أينَ الشُّموسُ الطّالِعَةُ ؟ أينَ الأَقمارُ المُنيرَةُ ؟ أينَ الأَنجُمُ الزّاهِرَةُ ؟ أينَ أعلامُ الدّينِ وقَواعِدُ العِلمِ ؟ أينَ بَقِيَّةُ اللّهِ الَّتي لاتَخلو مِنَ العِترَةِ الهادِيَةِ ؟ أينَ المُعَدُّ لِقَطعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ ؟ أينَ المُنتَظَرُ لاِءِقامَةِ الأَمتِ۴ وَالعِوَجِ ؟ أينَ المُرتجى لاِءِزالَةِ الجَورِ وَالعُدوانِ ؟ أينَ المُدَّخَرُ لِتَجديدِ
1.. الناكثون : أهل الجمل ؛ لأنّهم نكثوا البيعة ؛ أي نقضوها . والقاسطون : أهل صفّين ؛ لأنّهم جاروا في حكمهموبغوا عليهم . والمارقون : الخوارج ؛ لأنّهم مرقوا من الدين مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۳۰ «نكث» .
2.. في المصدر : «مجمعة» ، وما في المتن أثبتناه من المصادر الاُخرى .
3.. فلتذرف خ . ل .
4.. الأمْتُ : الانخفاض والارتفاع والاختلاف في الشيء لسان العرب : ج ۲ ص ۵ «أمت» .