17
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

وقول إمام العصر عليه‏السلام لها: في أيّ وقت تناديني سأُلبّي ندائك. فقلت لها: هل الرؤا التي شاهدتيها في ساوة كان لها حقيقة أم لا؟ أشارت لي أن نعم، فقلت: الليلة ليلة ولادة الإمام المهديّ عليه‏السلام إضافة إلى أنّها ليلة الجمعة، ليلة وفيرة الأنوار، والدعاء فيها مستجاب إن شاء اللّه‏، فتوسّلي به عليه‏السلام.

فأشارت أن احملوني إلى سطح البيت، فأرسلتُ إلى اثنتي عشرة امرأة عربيّة فتعاضَدنَ على حملها إلى الأعلى، وفرشتُ سجّادة لوالدتها لتُشغل هي أيضاً بالدعاء، وأنا بقيت في لجج الهواجس والحزن مستيقظاً إلى الصباح في غرفة بأسفل البيت، وقبل ساعة من طلوع الشمس جاء السائق عبد الخالق إلى باب البيت وفقاً لما أوصيته من قبل، فصلّيت الصبح وذهبت إلى نهر الكارون.

وهناك رأيت الإسعاف قد حضرت، فرجعت إلى الشارع وأخذت معي أربعة حمّالين من خانٍ على الطريق، وذهبت إلى المنزل وأنزلتهم عند باب البيت، واتّجهت إلى دائرة عملي، ففتحوا الباب وذهبت إلى غرفة العمل، وكتبت للموظّفين بأنّني ذاهب إلى عبادان مع مريضتي لإجراء عمليّة لها، فمهما يأتي من تلغراف ورسائل من شعب الشركة وطهران، أخبروني بها هاتفيّاً لأُجيبكم عنها.

عدت إلى البيت مع أوّل إشراقه للشمس، فدخلت لأُنزل مريضتي من السطح، وفجأة سقط ناظري على الشرفة المقابلة لغرفتي، فرأيت زوجتي سالمة بدون ورم بطنها وبدون آلامها، وقد جلست مع والدتها تعانق كلٌّ منهما الأُخرى وهما تبكيان وتضحكان، فدُهشت وبقيت أنظر عدّة دقائق، فقالت زوجتي: أرأيت؟! إنّ رؤاي كانت صادقة، وإنّ إمام العصر عليه‏السلام شفاني وأنقذني من موت مؤّد!

وهكذا قصّت ما جرى: اقترب وقت السَّحر، فحملوني ـ وأنا في عالم اليقظة ـ من سطح البيت إلى السماء كأنّني ركبت في طائرة، وتناهى صياح ديك إلى مسمعي، كما اقترب القمر والنجوم منّي كثيراً حتّى تصوّرت أنّ يدي ستطالها، ولم أر في حياتي سَحَراً نورانيّاً وروحانيّاً مثل هذا، وبينما أنا نائمة بهذه الحالة، جاء إمام العصر عليه‏السلام فاعتذرت منه بأنّي لا أستطيع الجلوس لأؤّي واجبي في إجلاله


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
16

المريضة حتّى تألّم وتحيّر كثيراً، وضغط بسبابته على جانبيها الأيمن والأيسر من فوق عباءة صلاتها، فظهر توتّر شديد عليها، عندها قال مباشرة: إنّ في بطنها حيوانا يقال له... (وقد نسيتُ اسمه)، وزنه اثنا عشر كيلوغراماً، وقد مدّ جذوره إلى رجليها ويديها، ويجب أن تُجرى لها عمليّة جراحيّة تستغرق عدّة ساعات، وموتها أكيد مئة بالمئة؛ لأنّه كان يجب تشخيص مرضها في الأشهر الثلاثة الأُولى وإجراء العمليّة لها، والآن تجاوزت التسعة أشهر والخطر مؤّد.

وقال في آخر الأمر: إذا أُجريت لها العمليّة [الجراحيّة] ستموت، وإذا لم تُجر لها العمليّة ستنفجر بطنها بعد ثلاثة أيّام. وبعد استشارة الطبيب أجاب: إذا أُجريت لها العمليّة وماتت أفضل من أن تنفجر.

وتقرّر أن يبعثوا غداً الجمعة زورق إسعاف من عبادان إلى نهر الكارون؛ لينقلوا المريضة إلى عبادان لإجراء العملية. وقالوا أيضاً: يجب أن تذهبوا إلى مركز الشرطة وتمضوا تعهّداً ينصّ على أنّها لو توفّيت فالمسؤلية ليست بعهدة أطبّاء المستشفى؛ لأنّ موتها حتميّ.

واطّلعت المريضة ووالدتها العلويّة على هذه الحوارات، وبدأتا بالبكاء والنحيب بعد ذهاب الدكتور كنكو، وكانت دموع زوجتي تنهمر بدون إرادتها، وأُمّها تلطم رأسها وصدرها وتبكي، أمّا أنا فلم تكن لديّ فرصة للجلوس إلى جانبها ولو بمقدار نصف ساعة؛ بسبب كثرة مشاغلي في متابعة أُمور شُعَب الشركة المتعددة؛ مثل دزفول وأنديمشك وشوشتر ورامهرمز وبهبهان والهويزة وشادگان وغيرها.

ذهبت إلى الدائرة وعدت إلى البيت في مساء ذلك اليوم نفسه «الخميس»، ورأيتها وأُمّها مازالتا تنوحان وتبكيان، وأوصت زوجتي بأن أحمل جنازتها إلى طهران بعد موتها، فأجبتها بأنّه ليس من الميسور أبداً أن تُحمل جنازة إلى طهران في هذا الجو الحارّ لخوزستان، وأخيراً أوصت أن تُدفن بجوار ضريح السيّد هارون، فبادرتُ منذ أوائل تلك الليلة بتوفير مقدّمات الدفن والتكفين.

وأنا في خضمّ هذه الأوضاع، تذكّرت فجأة الرؤا التي شاهَدَتها زوجتي في ساوة،

تعداد بازدید : 11343
صفحه از 416
پرینت  ارسال به