147
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

وروى أبو عطاء قال:

خَرَجَ أنّ أميرُ المُؤِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه‏السلام مَحزونا يَتَنَفَّسُ، فَقالَ:

كَيفَ أنتُم وزَمانٌ قَد أظَلَّكُم، تُعَطَّلُ فيهِ الحُدودُ، ويُتَّخَذُ المالُ فيهِ دُوَلاً، ويُعادى أولِياءُ اللّه‏ِ، ويُوالى أعداءُ اللّه‏ِ!؟

قُلنا: فَإن أدرَكنا الزَّمانَ فَكَيفَ نَصنَعُ؟

قالَ: كونوا كَأَصحابِ عيسى: نُشِروا بِالمَناشِرِ وصُلِبوا عَلَى الخُشُبِ! مَوتٌ في طاعَةِ اللّه‏ِ عز و جل خَيرٌ مِن حَياةٍ في مَعصِيةَ اللّه‏ِ.۱

ونقل ابن عبّاس عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أيضاً:

سَيَكونُ اُمَراءُ تَعرِفونَ وَ تُنكِرونَ۲، فَمَن نابَذَهُم نَجا، ومَنِ اعتَزَلَهُم سَلِمَ، ومَن خالَطَهُم هَلَكَ.۳

وقال سدير الصيرفي في حديث آخر:

دَخَلتُ عَلَى أبي عَبدِ اللّه‏ِ عليه‏السلام فَقُلتُ لَهُ: وَاللّه‏ِ ! ما يَسَعُكَ القُعودُ. فَقالَ: ولِمَ يا سَديرُ؟ قُلتُ: لِكَثرَةِ مَواليكَ وشيعَتِكَ وأنصارِكَ، وَاللّه‏ِ ! لَو كانَ لِأَميرِ المُؤِنينَ عليه‏السلام ما لَكَ مِنَ الشّيعَةِ وَالأَنصارِ وَالمَوالي ما طَمِعَ فيه تَيمُ ولا عَدِيُّ!

فَقالَ: يا سَديرُ، وكَم عَسى أن يَكونوا؟ قُلتُ: مِئَةَ ألفٍ، قالَ: مِئَةَ ألفٍ؟! قُلتُ: نَعَم، ومِئَتَي ألف، قالَ: مِئَتَي ألفٍ؟ قُلتُ: نَعَم ونِصفَ الدُّنيا.

قالَ: فَسَكَتَ عَنّي، ثُمَّ قالَ: يَخِفُّ عَلَيكَ أن تَبلُغَ مَعَنا إلى يَنبُعَ۴؟ قُلتُ: نَعَم... فَسِرنا حَتّى صِرنا إلى أرضٍ حَمراءَ، ونَظَرَ إلى صَبِيٍّ يَرعى جِداءً، فَقالَ: وَاللّه‏ِ يا سَديرُ! لَو كانَ لي شيعَةٌ بِعَدَدِ هذِهِ الجِداءِ ما وَسِعَنِي القُعودُ.

1.. دستور معالم الحكم: ص ۱۱۴.

2.. لعل هذه الجملة إشارة إلى ما ورد في أحاديث أُخرى: «سَتَكونُ عَلَيكُم اُمَراءُ يَأمُرونَكُم بِما لاتَعرِفون ويَعمَلونَ بما تُنكِرونَ...» المصنّف لابن أبي شيبة: ج ۸ ص ۶۹۶ ح ۶۸ .

3.. المعجم الكبير: ج ۱۱ ص ۳۳ ح ۱۰۹۷۳، الجامع الصغير: ج ۲ ص ۶۴ ح ۴۷۸۱.

4.. ناحية بأطراف المدينة المنوّرة.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
146

وبديهيّ لو اختار أهلُ البيت عليهم‏السلام الاعتزال والصمت ومباشرةَ الأُمور الدينيّة بعيدا عن السياسة، ولم يتعرّضوا للحكّام المستكبرين، لما وجِد مبرّر لتغدو الشهادة مصيرهم بأجمعهم ؛ لأنّ التظاهر بإسلاميّة الحكومة من أهمّ الخدع السياسيّة للحكّام الذين عرّفوا أنفسهم كخلفاء لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، ولو لم يجدوا أئمّة أهل البيت عليهم‏السلام منافسين ومعارضين لحكمهم، لما قتلوا أحفاد الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وما زلزلوا بذلك ركائز حكمهم.

رابعا: التعارض مع أحاديث القيام

من النقاط الأُخرى التي ينبغي الالتفات إليها في تقييم الأحاديث الناهية عن القيام قبل ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، هي تعارضها مع الأحاديث التي تحثّ المسلمين بصراحة على القيام في وجه الظالمين. ويمكن تقسيم هذه الأحاديث إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأوّل: الأحاديث الواردة في وجوب القيام ضدّ الحكّام الظالمين عند الإمكان، وعدم الانقياد لمطالبهم غير المشروعة. وفيما يلي نماذج منها:

ذكر عبد اللّه‏ بن مسعود في حديث، أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كان يتكلّم مع جماعة من أصحابه عن الحوادث المرّة التي ستقع بعده في تاريخ الإسلام ويخبرهم أنّ السلطان سيفترق عن القرآن في المستقبل، ثمّ بيّن وظيفة المسلمين في مثل تلك الأوضاع بأن يدوروا مع القرآن حيث دار، كما أخبرهم بأنّ في المستقبل ستكون عليهم أئمّة جور إن أطاعوهم أضلّوهم، وإن عصوهم قتلوهم !

قال ابن مسعود:

قالوا: فَكَيفَ نَصنَعُ يا رَسولَ اللّه‏ِ؟ قالَ:

كونوا كَأصحابِ عيسى: نُصِبُوا عَلَى الخُشُبِ ونُشِروا بالمَناشيرِ! مَوتٌ في طاعةٍ خَيرٌ مِن حَياةٍ في مَعصيَةٍ.۱

1.. كنز العمّال: ج ۱ ص ۲۱۶ ح ۱۰۸۱ نقلاً عن ابن عساكر، المعجم الكبير: ج ۲۰ ص ۹۰ ح ۷۲۲ نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10590
صفحه از 416
پرینت  ارسال به