145
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

منها فقط۱ ـ لا يجتمع مع ظاهر مضامين الأحاديث التي تأمر بالصمت وتنهى عن القيام، وبخاصّة الأحاديث التي تؤّد على الدور الرئيس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إقامة القيم الإسلاميّة كافّة، أو التي تعتبر ترك هذه الفريضة سبباً لنزول العذاب الإلهيّ وسيطرة الأشرار على المجتمع الإسلاميّ، أو التي تعتبر استخدام القوّة ضروريّاً لإقامة هذا الواجب، أو التي توصي بعدم التخلّي عن إقامة هذه الفريضة مخافة الموت أو نقصان العمر أو الرزق ؛ لأنّها لا تنقص عمراً ولا رزقاً.

وعلى فرض التعارض بين هاتين المجموعتين من الأحاديث، لا يبقى شكّ في تقدّم وترجيح أحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ بسبب أعدادها وربّما تواترها، وقوّة مضامينها وتناسبها مع القرآن الكريم، والقرائن الأُخرى التي سوف نشير إليها.

ثالثا: التعارض مع سيرة أهل البيت عليهم‏السلام

من المعايير الأُخرى المعتمدة في معرفة الأحاديث المنسوبة إلى أهل البيت عليهم‏السلام، هو عرضها على سيرتهم وطريقة عملهم.

وتأسيساً على ذلك، فلو نُسب إليهم قول أو شُرح بطريقة تتعارض مع سيرتهم، فحينئذٍ تبطل تلك النسبة، ويخطأ ذلك التفسير.

وبنظرة عابرة إلى سيرة أهل البيت عليهم‏السلام يُلاحظ أنّهم عُدموا أدنى فرصة في مقابل الحكومات الباطلة، ورغم ما كان يتهدّدهم من أنواع المخاطر على النفس والمال، إلاّ أنّهم وقفوا حيالهم بكلّ قوّة وبذلوا قصارى جهودهم ولم يتخلّوا عن أيّ فرصة لمناهضتهم، ولكن بتدبير وحكمة ورعاية منهم لاُصول التحفّظ والتقيّة، مع أنّ محاولاتهم في تحقيق الحكومة العادلة لم تُحرز النتيجة المبتغاة ؛ بسبب عدم مساعدة الأرضيّة الثقافيّة، وخير دليل على ذلك استشهادهم وسجن بعضهم بيد الحكّام الفاسدين والجائرين.۲

1.. للتعرّف على هذه الأحاديث راجع: وسائل الشيعة: ج ۱۶ كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

2.. بحار الأنوار: ج ۲۷ ص ۲۰۷ باب ۹ أنّهم لايموتون إلاّ بالشهادة .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
144

عَظيمَةٌ بِها تُقامُ الفَرائِضُ، وَتَأمَنُ المَذاهِبُ، وتَحِلُّ المَكاسِبُ، وتُرَدُّ المَظالِمُ، وتُعمَرُ الأَرضُ، ويُنتَصَفُ مِنَ الأَعداءِ، ويَستَقيمُ الأَمرُ، فَأَنكِروا بِقُلوبِكُم، وَالفِظوا بِأَلسِنَتِكُم، وصُكّوا بِهَا جِباهَهُم ولا تَخافوا فِي اللّه‏ِ لَومَةَ لائِمٍ، فَإنِ اتَّعَظوا وإلَى الحَقِّ رَجَعوا فَلا سَبيلَ عَلَيهِم، «إِنّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ الناسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»۱، هُنالِك فَجاهِدوهُم بِأَبدانِكُم، وَأَبغِضوهُم بِقُلوبِكُم، غَيرَ طالِبينَ سُلطاناً، ولا باغينَ مالاً، ولا مُريدينَ بِظُلمٍ ظَفَراً ؛ حَتّى يَفيئوا إِلى أَمرِ اللّه‏ِ ويَمضوا عَلى طاعَتِهِ.۲

كما ورد في حديث عن يحيى الطويل عن الإمام الصادق عليه‏السلام، أنّه قال:

ما جَعَلَ اللّه‏ عز و جل بَسطَ اللِّسانِ وكَفَّ اليَدِ، وَلكِن جَعَلَهُما يُبسَطانِ مَعاً ويُكَفّانِ مَعاً.۳

وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: إنّي سمعت عليّاً عليه‏السلام يقول يوم لقينا أهل الشام:

أَيُّها المُؤمِنونَ! إِنّهُ مَن رَأى عُدواناً يُعمَلُ بِهِ ومُنكراً يُدعى إلَيهِ، فَأنكَرَهُ بِقَلبِهِ، فَقَد سَلِمَ وبَرِئَ، ومَن أَنكَرَهُ بِلِسانِهِ فَقَد اُجِرَ، وهُوَ أفضَلُ مِن صاحِبِهِ، ومَن أنكَرَهُ بِالسَّيفِ لِتَكونَ كلِمَةُ اللّه‏ِ هِيَ العُليا وكَلِمَةُ الظّالِمينَ هِيَ السُّفلى، فَذلِكَ الَّذي أصابَ سَبيلَ الهُدى، وقامَ عَلَى الطَّريقِ ونُوِّرَ في قَلبِهِ اليَقينُ.۴

وفي حديث آخر رواه بكر بن محمّد عن الإمام الصادق عليه‏السلام:

أَيُّهَا النّاسُ! آمِروا (مُروا) بِالمَعروفِ، وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ؛ فَإِنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ لَم يُقَرِّبا أجَلاً، ولَم يُباعِدا رِزقاً.۵

ولا شكّ في أنّ مدلول أحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ التي مرّ عدد ضئيل

1.. الشورى: ۴۲.

2.. الكافي: ج ۵ ص ۵۵ ح ۱، تهذيب الأحكام: ج ۶ ص ۱۷۶ ح ۳۷۲.

3.. الكافي: ج ۵ ص ۵۵ ح ۱.

4.. نهج البلاغة: الحكمة ۳۷۹.

5.. تفسير القمّي: ج ۲ ص ۳۶، بحار الأنوار: ج ۹۷ ص ۷۳ ح ۱۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10601
صفحه از 416
پرینت  ارسال به