141
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

لا تعني رفض المحاولة لتأسيس حكومة إسلاميّة في عصر الغيبة.

ج ـ قياس الأحاديث الناهية عن القيام بمعايير علم الحديث

المطلب الثالث في تقييم الأحاديث الناهية عن القيام، هو قياس مضامينها الظاهريّة بموازين علم الحديث.

فلنفرض أنّ جميع الأحاديث الناهية عن القيام ومواجهة حكّام الجور إلى ظهور إمام العصر عليه‏السلام صحيحة من حيث السند وخالية من الإشكال في الجانب الدلاليّ، ولكن عندما نعرض ظاهر مضامينها على موازين علم الحديث سنرى أنّه لا يمكن أن يكون هذا المضمون هو ما قصده أهل البيت عليهم‏السلام، وينبغي القول حينئذٍ: إنّها صدرت عن تقية ومراعاةً لأُصول التحفّظ.

وبعبارة أُخرى: إنّ المضمون الظاهريّ للأحاديث الناهية عن القيام، غير مقبول ؛ لتعارضه مع القرآن والسنّة وسيرة الأئمّة، فلذلك ينبغي القول بإنّ صدورها كان من باب التقية.

والتعارض المذكور هو عبارة عن:

أوّلاً: التعارض مع القرآن

ضمّ القرآن الكريم آيات وفيرة تحثّ المسلمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومكافحة الظلم والفساد والدمار، وتشجّعهم على السعي لتثبيت نظام القيم الإلهيّة، ونشير هنا إلى نموذجين منها:

«وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»۱.

1.. آل عمران: ۱۰۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
140

قد حانت لتشكيل الحكومة الموعودة لأهل البيت عليهم‏السلام، ولكن عندما رأى الإمام الصادق عليه‏السلام خطأ استنتاجهم، أكّد بتعابير شتّى على أنّ حكومة أهل البيت عليهم‏السلام العالميّة لها علامات لم تتحقّق، وينبغي الانتظار على شيعتهم.

وعلى هذا الأساس فليس معنى مثل هذه الأحاديث الخضوع لحكومة الجبابرة ومعارضة أيّ محاولة لتشكيل حكومة الصالحين إلى حين ظهور علامات حكومة أهل البيت عليهم‏السلام العالميّة، بل معناها عدم اشتراك الشيعة في حركات مثل قيام أبي مسلم الخراسانيّ.

۲ ـ هنالك مسألة أُخرى تسترعي الانتباه في الأحاديث المذكورة ـ إضافة إلى التحذير من الانتفاضات المنبعثة عن دوافع نفسيّة وتحت شعار إقامة العدل والقيم الإسلاميّة ـ هي تسليط الأضواء على قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام والتعريف بمن يدّعي المهدويّة كذباً۱ ؛ أي أنّ كلّ من يقوم باسم الإمام قبل بيان علامات ظهوره فهو طاغوت، وحركته باطلة ومحكوم عليها بالهزيمة.

۳ ـ تنبّأت المجموعة الرابعة من الأحاديث بأنّ من قام من أهل البيت عليهم‏السلام قبل ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام فسوف تُهزم حركته، ويسبّب المزيد من الحزن لأهل البيت عليهم‏السلام.

وينبغي القول في تقييم هذه النبوءات:

أوّلاً: تختصّ هذه النبوءات ـ كما صُرّح في نصوص الأحاديث ـ بأهل البيت عليهم‏السلام ؛ بمعنى أنّ أيّ إمام من الأئمّة يقوم قبل الإمام المهديّ عليه‏السلام فلن تنجح حركته.

ثانياً: لايمكن القبول بعدم جدوى الحركات التي تسبق القيام المهدويّ ؛ نظراً إلى قيام سيّد الشهداء وقيام زيد.

ثالثاً: أثبتت موفّقيّة الثورة الإسلاميّة في إيران على الصعيد العملي، أنّ النبوءات الآنفة

1.. راجع: ج ۲ ص ۴۰۱ (القسم الرابع / الفصل الرابع : الدّعاة المفترون).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10754
صفحه از 416
پرینت  ارسال به