139
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

ب ـ تقييم مضامين الأحاديث

لدراسة مضامين الأحاديث الناهية، ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار أجواء صدورها، وبناء عليه تراعى الأُمور الآتية:

۱ ـ على الرغم من الإطلاق الظاهر على أحاديث المجموعة الأُولى، وإطلاقها على حملة رايات جميع الانتفاضات السابقة للقيام المهدويّ بأنّهم طواغيت، إلاّ أنّنا إذا وضعناها إلى جانب الأحاديث التي أيّدت قيام زيد۱ أو شهداء واقعة فخّ۲، يتّضح أنّ إطلاقها ليس مقصوداً، بل المراد: حملة ألوية الانتفضات الباطلة، كما صرّح الإمام الباقر عليه‏السلام في حديث له:

مَن رَفَعَ رايَةَ ضَلالَةٍ فَصاحِبُها طاغوتٌ.۳

وكذلك عند أخذ معاني صدور هذه الأحاديث مع أحاديث المجموعة الثانية بنظر الاعتبار، يتبيّن أنّها لا ترمي إلى النهي عن المساعي المبذولة في سبيل تشكيل حكومة عادلة تستند إلى التشريعات الإسلاميّة ؛ لأنّ هذه الأحاديث صدرت خلال أجواء كان كثير من شيعة أهل البيت عليهم‏السلام يتصوّرون أنّ الأرضيّة مناسبة لتحقيق حكومة أهل البيت العالميّة ؛ إذ إنّ الحكومة الأُمويّة ـ وبسبب الجنايات الكبيرة التي ارتكبتها ـ كانت قد فقدت رصيدها الاجتماعيّ، وطفقت تقضي أيّامها الأخيرة، ولم تتشكّل حكومة بني العبّاس بعد ومازالت في بداية الطريق، ومن جهة أُخرى أخذت محبّة أهل البيت عليهم‏السلام تتزايد في المجتمع الإسلاميّ بحيث استفاد زعماء هذه الحركات من اسمهم لكسب أنصارهم.

ومن الطبيعيّ في مثل هذه الأجواء أن يتوصّل شيعة أهل البيت عليهم‏السلام إلى أنّ أفضل فرصة

1.. راجع: ص ۱۴۸.

2.. راجع: ص ۱۴۹.

3.. الكافي: ج ۸ ص ۲۹۷ ح ۴۵۶.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
138

لَيسَ مِنّا أهلَ البَيتِ أَحَدٌ يَدفَعُ ضَيماً ولا يَدعو إِلى حَقٍّ إِلاّ صَرَعَتهُ البَلِيَّةُ، حَتّى تَقومَ عِصابَةٌ شَهِدَت بَدراً، لا يُوارى قَتيلُها ولا يُداوى جَريحُها.۱

وذكر الراوي في نهاية الحديث بأنّ مراد الإمام الباقر عليه‏السلام من هذه العصابة هي الملائكة.

وكذلك حديث متوكّل بن هارون عن الإمام الصادق عليه‏السلام، حيث قال:

ما خَرَجَ ولا يَخرُجُ مِنّا أهلَ البَيتِ إِلى قِيامِ قائِمِنا أَحَدٌ لِيَدفَعَ ظُلماً أَو يَنعَشَ حَقّاً إلاّ اصطَلَمَتهُ البَلِيَّةُ، وكانَ قِيامُهُ زِيادَةً في مَكروهِنا وشيعَتِنا.۲

على الرغم من أنّ أحاديث هذا القسم لم تنه عن القيام قبل ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، ولكنّ ظاهرها يرى بطلان مثل هذه الثورات ؛ لأنّها عقيمة لانتيجة فيها، وتنتهي إلى الهزيمة فحسب، بل ويغدو صاحبها أُلعوبةً بيد السياسيّين، ويضاعف ما يؤل إليه مصيره مع أصحابه من أحزان أهل البيت عليهم‏السلام.

دراسة ونقد للأحاديث الناهية عن القيام

ينبغي في نقد و تقييم هذه الأحاديث دراسة أسانيدها أوّلاً، ثمّ دراسة مضامينها ثانيا، وبعد ذلك يتمّ عرض هذه المضامين على المعايير الأُصوليّة لنقد وتقييم الحديث.

أ ـ تقييم أسانيد الأحاديث

كثير من الأحاديث الآنفة ليست معتبرة من حيث السند۳، ولكنّ الأمر المهمّ أنّه على فرض صحّة أسانيد جميع هذه الأحاديث، فالمراد منها قطعاً ليس ما يُفهم في الوهلة الأُولى. وسنوضّح ذلك في تقييم مضامينها.

1.. الغيبة للنعمانيّ : ص ۲۰۲ ح ۳.

2.. الصحيفة السجّادية المقدّمة: ص ۱۱ .

3.. للاطّلاع على التقييم الكامل لأسانيد الأحاديث الواردة في هذا الصدد راجع: دراسات في ولاية الفقيه: ج۱ ص ۲۰۵ ـ ۲۵۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10604
صفحه از 416
پرینت  ارسال به