135
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

والفساد قبل ظهور العادل الذي يملأ العالم بأسره قسطا وعدلاً.

وبعبارة أُخرى: على الرغم ممّا ينبغي للمؤمنين والمنتظرين الصادقين من بذل كلّ الجهود في سبيل مكافحة الفساد قبل ظهور المنقذ، إلاّ أنّه لن تتحقّق حكومة تتمكّن من استئصال جذور الأنظمة الجائرة التي عمّ ظلمها، ونشر العدالة في أرجاء العالم.

ثانياً: الأحاديث الناهية عن الثورة قبل قيام القائم عليه‏السلام

المجموعة الثانية من الأحاديث التي تمسّك بها معارضو تشكيل الحكومة الدينيّة في عصر الغيبة، هي ما تبدو بنظرة أوّلية وسطحيّة ناهية عن مواجهة الحكومات الفاسدة، وملزمة بالمهادنة معها قبل قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام. وتقسّم أهمّ أحاديث هذه المجموعة۱ إلى أربعة أقسام:

الأوّل: أحاديث تسمّي قادة الحركات المتقدّمة على قيام الإمام المهديّ عليه‏السلام بالطاغوت، وهي تدلّ في ظاهرها على أنّ كلّ حركة ضدّ الظلمة مذمومة ومدانة قبل الثورة المهدويّة العالميّة، مثل ما رواه الكلينيّ عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه‏السلام، حيث قال:

كلُّ رايَةٍ تُرفَعُ قَبلَ قِيامِ القائِمِ فَصاحِبُها طاغوتٌ.۲

فوفقاً لهذا الحديث، لا يجوز مطلقاً الخروج على الحكّام الظلمة قبل القيام العالميّ لإمام العصر عليه‏السلام، وكلّ من تزعّم ذلك فهو طاغوتٌ تجب معارضته.

الثاني: الأحاديث الموصية لشيعة أهل البيت عليهم‏السلام بعدم الاشتراك في مواجهة حكّام الجور قبل اتّضاح علامات ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، كما في حديث رواه ثقة الإسلام

1.. لمزيد من الاطّلاع على الأحاديث التي وردت في هذا الصدد راجع: دراسات في ولاية الفقيه: ج ۱ ص ۲۰۵ ـ ۲۵۶.

2.. الكافي: ج ۸ ص ۲۹۵ ح ۴۵۲. ونُقل المضمون ذاته في كتاب الغيبة للنعمانيّ : ص۱۱۴ ح۹ عن مالك بن أعينعن الإمام الباقر عليه‏السلام.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
134

وفي الحقيقة إنّ مثل هذه القراءة الضالّة للأحاديث المذكورة هي على مستوى عالٍ من الوهن وانعدام الأُسس، بحيث يعدّ توضيحها كافياً لنقدها وردّها، كما قال الإمام الخمينيّ رحمه‏الله في مواصلة خطابه للمرجعيّات الإسلاميّة مشيراً إلى النظريّتين الآنفتين:

وما تزال الحوزات العلميّة مُشابَةً بكلتا الرؤتين، وينبغي الحذر من سريان فكرة فصل الدين عن السياسة من بين طبقات فكر المتحجّرين إلى الطلبة الشبّان....

بالأمس كان الحمقى المتظاهرون بالقدسيّة يقولون: السياسة منفصلة عن الدين، والجهاد ضدّ الشاه حرام، واليوم۱ يقولون: أصبح مسؤولو النظام شيوعيّين!

كانوا حتّى الأمس يرون بيع الخمور والفساد والفحشاء والفسق وحكومة الظالمين أمراً نافعاً يعبّد الطريق لظهور إمام العصر أرواحنا فداه، واليوم حينما يحدث أمر ما مخالف للشرع في زاوية من الزوايا ـ وهو ممّا لا يرتضيه مسؤولو الدولة في حالٍ من الأحوال ـ تراهم يصرخون: وا إسلاماه!

في الأمس حرّم الحجّتيةُ الجهاد، وبذلوا كلّ جهودهم ـ في خضّم الصراع والجهاد ـ في سبيل كسر اعتصام أنوار الزينة الذي اُقيم في النصف من شعبان؛ نُصرةً للشاة، واليوم أصبحوا أكثر ثوريّة من الثوّار!

وولايتيّةُ الأمس أراقوا بسكوتهم وتحجّرهم ماء وجه الإسلام والمسلمين، وقصموا بعملهم ظهر النبيّ وأهل بيت العصمة والطهارة عليهم‏السلام، ولم يكن عنوان الولاية لهم سوى وسيلة للتكسّب والعيش، واليوم جعلوا أنفسهم مؤّسي الولاية وورثتها، ويتحسّرون على ولاية عهد الشاه.۲

وبقليل من التأمّل في الأحاديث المتنبّئة بانتشار الظلم في العالم قبل ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، يتّضح أنّها لا تعني نسخ آيات الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعطيل الأحكام والحدود الإلهيّة في عصر الغيبة، وإنّما المراد هو التفشّي النسبي للظلم

1.. أي في عهد الجمهوريّة الإسلاميّة في ايران .

2.. صحيفه إمام بالفارسيّة: ج ۲۱ ص ۲۸۱ (پيام إمام به مراجع إسلام ۳/۱۲/۱۳۶۷ش) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12836
صفحه از 416
پرینت  ارسال به