131
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع

والاجتماعيّة ـ في سبيل التمهيد لحكومة أهل البيت عليهم‏السلام العالميّة. فلا يمكن إذن إنكار الدور الأساسيّ لتشكيل الحكومة تمهيداً للظهور.

وممّا لا ينبغي الغفلة عنه أنّ الإمكانيّات الدعويّة لا تكفي بمفردها لترويج معارف أهل البيت عليهم‏السلام والتمهيد لحكومة إسلاميّة عالميّة، فوفقاً لإرشادات أهل البيت عليهم‏السلام لابدّ من دعوة عمليّة ينهض بأعبائها من يدّعي الانتماء إليهم، وبخاصّة المنتسبين الرسميّين الذين تأسّست الحكومة باسمهم ؛ من أجل إيصال رسالة أهل البيت عليهم‏السلام الثقافيّة. وينبغي الالتفات إلى أنّ الدعوة الإعلاميّة إذا لم ترافقها دعوة عمليّة، فربّما ولّدت نتائج معكوسة.

وعليه، فلا شكّ في أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ستكون مبشّراً بظهور إمام العصر عليه‏السلام والحكومة الإسلاميّة العالميّة فيما لو استطاعت أن تعرض على العالم كفاءة مدرسة أهل البيت عليهم‏السلام في مختلف المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة والاجتماعيّة والأمنيّة، وبخاصّة على الصعيد الثقافيّ والنمطيّة الحياتيّة.

وعلى هذا الأساس، ونظراً للمقدّمتين الآنفتين، تتّضح أهمّ واجبات شيعة أهل البيت عليهم‏السلام، بل وظائف كلّ المعنيّين بالحكومة الإسلاميّة العالميّة، ومواجهة الحكّام الجبابرة في المجتمعات الإسلاميّة، وتشكيل حكومة تقوم على أساس الأحكام الإسلاميّة والقيم التي بيّنها أهل بيت الرسالة عليهم‏السلام.۱

وأكبر المنظّرين في هذا المضمار هو الإمام الخمينيّ رحمه‏الله، فقد حطّم بقيادته ومقاومة الشعب الإيرانيّ وإيثار المجاهدين وتضحياتهم طلّسم الألفين والخمسمئة عام من حكم الجائرين لإيران، وشكّل فيها حكومة ترتكز على أساس القوانين الإسلاميّة.

تتّكئ هذه النظريّة على وجوب إقامة المسلمين ـ في نطاق إمكانيّاتهم ـ للأحكام

1.. إضافة إلى دور الحكومة الدينيّة في التمهيد لظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام، فضرورة تشكيل مثل هذه الحكومة فيعصر الغيبة لإجراء الأحكام والتشريعات الإسلاميّة، تستند إلى أدلّة كثيرة من القرآن والسنّة والعقل والإجماع. للمزيد من الاطّلاع راجع: دراسات في ولاية الفقيه: ج۱ ص۸۳ ـ ۲۰۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
130

ويتطلّب بيان هذه النظرية إثبات مقدّمتين:

الأُولى: ضرورة التمهيد لظهور الإمام الغائب عليه‏السلام.

الثانية: ضرورة تشكيل نظام حكم يمهّد لحكومة الإمام المهديّ عليه‏السلام.

المقدّمة الأُولى: ضرورة التمهيد لظهور الإمام الغائب عليه‏السلام

يمكن الوقوف ببساطة على دور التمهيد لظهور الإمام وضرورته عند الأخذ بنظر الاعتبار الحكمة من غيبة إمام العصر عليه‏السلام ۱ ؛ لأنّ الفلسفة الأساسيّة لغيبته ليست إلاّ عدم توفّر الأرضيّة اللاّزمة لتشكيل حكومة إسلاميّة عالميّة.

ومن جهة اُخرى، فإنّ أهمّ متطلّبات الانتظار الحقيقيّ لظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام ـ وهو ما أكدّته أحاديث الفصل الأوّل من هذا القسم ـ هو توفير الأرضيّة اللاّزمة لقيامه. وبناء على أحاديث اُخرى أيضا ـ وهي ما وردت في الفصل الثالث، وطالبت شيعة أهل البيت عليهم‏السلام بالثبات في مواجهة تبعات التديّن في عصر الغيبة ـ فمن الضروريّ عدم مهادنة الحكّام الظلمة، والتمهيد لتنوير وتوعية طبقات الشعب ؛ لإسقاط حكم هؤاء وتأسيس حكومة إسلاميّة عالميّة، وخلافاً لذلك لايكون للتأكيد على معاناة الشيعة في عصر الغيبة معنىً مهمّ، وعليه فلا شكّ في ضرورة التمهيد لظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام.

ولكن كما تقدّم في الفصل الثالث، فإنّ العجلة واللاتدبير في هذا الطريق ـ أي الإطاحة بحكم الجبابرة ـ هو أمر مدان، ومن الضروريّ مراعاة غاية الدقّة والتدبير في هذا المجال.

المقدّمة الثانية: ضرورة تشكيل الحكومة تمهيداً للظهور

تبدو المقدّمة الثانية ـ أيّ ضرورة تشكيل الحكومة تمهيداً للظهور ـ بديهيّة جدّاً ولا حاجة لإثباتها. وبعبارة اُخرى: يكفي فيها التصوّر لتصديقها ؛ لأنّه لا تمكن المقايسة بين إمكانيّات الحكومة والإمكانيّات الفرديّة ـ التي تعترضها مئات العقبات السياسيّة

1.. راجع: ج ۲ ص ۲۴۳ (القسم الثالث / الفصل الثاني / بيان الحكمة من غيبة الإمام المهدي عليه‏السلام) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10599
صفحه از 416
پرینت  ارسال به