95
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

علوم الشيعة، وعمليّة مواءمة مع ثقافة الآخرين.۱

وقيل إنّ الشيخ المفيد ـ من قبله ـ أشار إلى محتوى هذه الأحاديث القائلة بأنّ الشمس تشرق وتغرب بين قرني شيطان، وذلك في الاستشهاد على ضعف هذه التبريرات والتفلسف الواهي في الأحكام التحريميّة الشائع بين أهل السنّة، والنائي عن الشيعة، واعتبر ذكر مثل تلك العلل في الأحكام السالفة لايليق بشأن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله ۲. كما أنّ أُسلوب جواب أمام العصر عليه‏السلام في هذا التوقيع يؤّد قول الشيخ المفيد أيضاً.

وعلى أيّ حال، فلو فُرض صدور مثل هذه العلّة للكراهة، فقد ذكر بعض الفقهاء ـ كالمحدّث البحرانيّ ـ عدّة احتمالات لمعنى طلوع الشمس وغروبها بين قرنيّ شيطان، منها: المراد من القرن القوّة، أو أُمّتا الشيطان من الأوّلين والآخرين، أو تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها ؛ فكأنّ الشيطان سوّل له ذلك، فإذا سجد لها فكأنّ الشيطان مقترن بها.۳

۲. شرط الإقباض في الوقف (ح ۶۸۴ / ۲)

من الشروط اللاّزمة في الوقف تسليم المال الموقوف إلى الموقوف عليه ؛ أي أنّ الوقف قبل ذلك صحيح، ولكنّ القطع بصحّته ولزومه الشرعيّ منوط بإقباض الواقف إيّاه وقبض الموقوف له.

واتّفق الفقهاء على هذه المسألة، وادّعى بعضهم الإجماع عليها۴، كما استدلّ بعض

1.. راجع: مصابيح الظلام: ج ۵ ص ۵۴۲.

2.. نُسبت هذه الملاحظة إلى رسالة «افعل ولا تفعل» للشيخ المفيد في مدارك الأحكام ج ۳ ص ۱۰۸، ومفتاح الكرامة (ج ۵ ص ۱۷۱)، ولكن ذُكر في تصحيح الكتابين أنّ هذه الرسالة ظاهراً لمحمّد بن عليّ بن النعمان المعروف بمؤمن الطاق وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه‏السلام، وليست للشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان، ويبدو حدوث خطأ في الكتابة، فسُجّل «محمّد» بدلاً من «عليّ» .

3.. راجع: الحدائق الناضرة: ج ۶ ص ۳۱۴ ومفتاح الكرامة: ج ۵ ص ۱۷۲.

4.. راجع: مفتاح الكرامة: ج ۲۱ ص ۴۳۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
94

ومنهم السيّد المرتضى، ولكنّ أكثرهم اعتبرها مكروهة۱. وأشار الشيخ الصدوق إلى حديثٍ نهى عن أدائها في ذينك الوقتين، ثمّ نقل التوقيع الذي ذكره الطبرسيّ مع بقيّة الأسئلة والأجوبة بسند معتبر، ولم يختر رأياً حياله.۲

وما يثير التعجّب هو ظاهر كلام المحقّق الحلّيّ، حيث يُفصح عن كونه يرى هذا الجواب من قول «بعض فضلاء الشيعة»۳، ويقصد به ـ كما أشار الفاضل الهنديّ ـ النائبَ الثاني محمّد بن عثمان العَمريّ۴، ولكن يتّضح بوضوح ممّا ذكره الفاضل الهنديّ نفسه والسيّد جواد العامليّ وممّا نقله الشيخ الصدوق، أنّه جواب الإمام المهديّ عليه‏السلام. وقد استند إلى هذا التوقيع أيضاً السيّد محمّد العامليّ والفيض الكاشانيّ.۵

وأحد وجوه الجمع بين قسمي النهي والجواز هو حمل أحاديث المنع على النافلة الابتدائيّة، لا على نافلة القضاء، مثلما قال عديد من الفقهاء بكراهة النافلة الابتدائيّة.

ووجه ثانٍ للجمع هو الحمل على التقيّة، حيث قال الشيخ الطوسيّ بأنّ سبب أحاديث المنع ـ وبقرينة هذا التوقيع ـ هو التقيّة أو الحمل على النافلة الابتدائيّة.۶

ويُلاحظ هذان الحملان ـ وبخاصّة الحمل على التقيّة ـ في أقوال الفقهاء اللاّحقين للشيخ الطوسيّ ؛ منهم، الوحيد البهبهانيّ، فنظراً للمنع الشديد لأهل السنة من أداء النافلة في الوقتين المذكورين حتّى عاقبوا المؤدين لها، نشأت أحاديث المنع عملاً بالتقيّة، ولذا ففلسفة ماجاء فيها من شروق الشمس وغروبها ما بين قرني شيطان، بعيد من أساسه عن

1.. مفتاح الكرامة: ج ۵ ص ۱۶۷ ـ ۱۶۹.

2.. كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۱ ص ۴۹۷ ـ ۴۹۸.

3.. المعتبر: ج ۲ ص ۶۲.

4.. راجع: كشف اللّثام: ج ۳ ص ۹۰ ومفتاح الكرامة: ج ۵ ص ۱۷۰.

5.. مدارك الأحكام: ج ۳ ص ۱۰۸ ، معتصم الشيعة: ج ۲ ص ۲۳۳.

6.. تهذيب الأحكام: ج ۲ ص ۱۷۵.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12393
صفحه از 458
پرینت  ارسال به