اعتبار الأدلّة الفقهيّة وإمكان الاعتماد عليها أصلاً في الاستدلال الفقهيّ ـ حالها حال سائر الأحاديث والمصادر الحديثيّة المعتبرة.
فأورد الفقهاء هذه التوقيعات في عديد من المصادر وأدرجوها في ضمن مستندات آرائهم الفقهيّة، مع أنّ قسماً منها يعدّ من المسائل الفرعيّة، أو يوجد ما يشابهها في الأحاديث الأُخرى، ولكن مع ذلك فإنّهم لم يروا بعض مواردها ينسجم وباقي الأدلّة الفقهيّة، كما لم يستطيعوا العمل فقهيّاً ببعضها الآخر.
نعم لا يمكن القول بأنّهم مجمعون على أمر واحد حيال الموارد المشار إليها، فقسم منهم قبلها أو ذكر معنى لانسجامها. لكن الملاحظة العامّة هنا هي أنّ فقهاءنا القدماء والمعاصرين عملوا بالتوقيعات الفقهيّة مثل بقيّة الأحاديث، ومشاهدة بحوثهم تنمّ عن انعدام تفاضل أساسيّ من حيث المجموع، وذكرها باحترام واهتمام خاصّين.
ومن ناحية أُخرى فأصل الاستناد إلى التوقيعات الفقهيّة يرجع إلى الفقهاء القدماء، ولكن توسّع نطاق الاستفادة منها في المصادر الفقهيّة المتأخّرة ؛ وهو ناجم عن ازدياد كتابة المصنّفات التفصيليّة في الفقه الاستدلاليّ خلال بعض القرون الأخيرة من ناحية، ومن ناحية أُخرى فإنّه يمكن أن يكون ناشئا من تأليف كتاب وسائل الشيعة في القرن الحادي عشر والاهتمام الذي أولاه الشيخ الحرّ العامليّ في هذا الكتاب المرجع بتدوين الأحاديث استناداً إلى المصادر المعتبرة، ومنها هذه التوقيعات.
ونشاهد هذا التوسّع في المصادر التي أُلّفت بعد وسائل الحرّ العاملي، مثل: كشف اللثام للفقيه البارز محمّد بن حسن الإصفهانيّ المعروف بالفاضل الهنديّ (ت۱۱۳۷ه)، والحدائق الناضرة للمحدّث الزاهد والفقيه الأخباريّ الشيخ يوسف البحرانيّ المعروف بصاحب الحدائق والمحدّث البحرانيّ (ت۱۱۸۶ه)، ومصابيح الظلام للفقيه الجليل محمّد باقر البهبهانيّ المعروف بالوحيد البهبهانيّ (ت۱۲۰۵ه)، ومستند الشيعة للمحقّق النراقيّ (ت۱۲۴۵ه)، ولاسيّما الكتاب المشهور جواهر الكلام للشيخ محمّد حسن النجفيّ المعروف بصاحب الجواهر (ت۱۲۴۵ه). ويُعدّ المحدّث البحرانيّ أكثرهم استفادة منها ؛