91
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

وبرّر آية اللّه‏ السيّد الشبيريّ الزنجانيّ هذه الظاهرة ـ كما أشرنا ـ إلى احتمال أنّ أُولئك الوكلاء الأجلاّء لم يريدوا إقامة اتّصال مباشر مع الشيعة بشأن المسائل التي توجد طرق ظاهريّة لحلّها في تلك الأجواء المشحونة ببواعث الخوف والتقيّة.۱

ونضيف إلى هذه الملاحظة أنّه بغّض النظر عن المكانة المعروفة والباعثة على الثقة والاعتماد للسفيرين الأوّل والثاني في بيت الإمامين الهادي والعسكريّ عليهماالسلام، ومعرفة الشيعة لهما بهذا الوصف أعواماً عديدة، ونيلهم لمقبوليّة أكثر في المجتمع الشيعيّ، فلو عُدّ السفراء الخاصّون للإمام عليه‏السلام في ضمن الفقهاء المعروفين، واختلف إليهم الناس، وألّفوا كتاباً فقهيّة ودينيّة فربّما تتزايد أرضيّة اتّهامهم بأنّ الأجوبة تصدر عنهم استناداً إلى اجتهادهم وآرائهم الخاصّة، لا إلى رأي الإمام عليه‏السلام وقوله. وهو الاتّهام الذي طرحه الشلمغانيّ بعد انحرافه وضلاله، واعتبر نفسه شريكاً في الأمر أيضاً.۲

كما أنّ وحدة الخطّ في التوقيعات الصادرة أيّام محمّد بن عثمان العَمريّ مع توقيعات زمن والده عثمان بن سعيد، استقطبت اهتمام الشيعة واعتُبرت من أمارات صدقه.۳

والأمر كلّه يناظر ما قيل بوضوح في السبب من كون رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أُمّيّاً ؛ لكي يتعاظم ويتسارع الإيمان بأنّ القرآن معجزة إلهيّة.

۵. اهتمام الفقهاء واستنادهم

إنّ ملاحظة بحوث كلّ قسم من أقسام التوقيعات الفقهيّة في مصادر الفقه الاستدلاليّ، تُفصح جيّداً عن الاهتمام والعناية البارزة بهذه التوقيعات من قبل فقهائنا ـ الذين يرون

1.. جرعه‏اى از دريا بالفارسيّة: ج ۱ ص ۱۷۳.

2.. بالرغم من إيمان وثقة المجتمع الشيعيّ عامّة والفقهاء خاصّة بالاستناد إلى توقيعات الإمام المهديّ عليه‏السلام، حكمأحد المعاصرين ـ في تعليقه على توقيع اشتمل على روايتين في الموضوع المسؤل عنه، ويوحي بنوع من الترديد الأوّلي ـ بأنّ حسين بن روح يفتي في هذا التوقيع وأمثاله مستنداً إلى الروايات حين لم يمكنه الوصول إلى الإمام عليه‏السلام راجع: بحار الأنوار: ج ۸۲ ص ۱۸۲ هامش المصحّح .

3.. راجع: ج ۲ ص ۳۶۸ ح ۶۱۸ الغيبة للطوسي .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
90

وموضعاً لثقتهما۱. وقد أشرنا إلى نموذج منها بسند معتبر جدّاً عن الشيخ الكلينيّ.۲

وذُكر تاريخ حياة النوّاب الخاصّين وقدرهم ومنزلتهم في مواضع أُخرى كالمصادر الرجالية، ولم تضمّ أيّ ترديد في تمام وثاقتهم وعظم شأنهم، ليس هذا فحسب، بل استقرّ مذهب الإمامية بنحوٍ عامّ على ركيزة الاعتماد والاعتقاد بوكالتهم ونيابتهم في تاريخه المتواصل.

والملاحظة البارزة بشأن الوكلاء الخاصّين هي ـ ما أشار إليها آية اللّه‏ السيّد الشبيريّ الزنجانيّ ـ أنّ أيّ واحد منهم لم يكن من المراجع العلميّة للطائفة الإماميّة۳، فعلى الرغم ممّا تميّزوا به من شخصيّة معروفة حازت الثقة والاعتماد، لم يُعتبروا في عداد العلماء من الطراز الأوّل. ويؤّد هذا قول المحقّق الحلّيّ في إشارة واضحة إلى السفير الثاني محمّد بن عثمان العَمريّ الذي تولىّ الوكالة مدّة ثلثي عصر الغيبة الصغرى، حيث عرّفه بتعبير «بعض فضلائنا»، لا أنّه أحد الفقهاء القدماء.۴

وكذلك لم تُدرج أسماء السفراء الخاصّين، ولم تُذكر لهم مصنّفات في مصادر التعريف بالمؤّفين الشيعة وكتبهم، من قبيل الفهرست للشيخ الطوسي ورجال النجاشي.

وأشرنا سابقاً أنّ الحسين بن روح أرسل كتاب التأديب للتقييم إلى مدينة قم، وأنّ أبا سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ له مكانة علميّة أعلى من الحسين بن روح، ومع ذلك نُصّب الأخير بمنصب السفير الثالث. ولكن جاء في بعض الأخبار أنّ محمّد بن عثمان وحده له كتب في الفقه، وهي ما سمعه مباشرة من الإمامين العسكريّ والمهديّ عليهماالسلام، أو ما نقله عن والده عثمان بن سعيد العَمريّ عن الإمامين الهادي والعسكريّ.۵

1.. دخل عثمان بن سعيد وهو ابن الحادية عشرة من عمره في خدمة الإمام الهادي عليه‏السلام، وتربّى ابنه محمّد ـ الذيأُنيطت به وكالة الإمام المهديّ عليه‏السلام لمدّة أربعين عاماً ـ في بيت الإمامين ، وعُدّ من أقرب مقرّبيهما.

2.. راجع : ص ۸۵ .

3.. جرعه‏اى از دريا بالفارسيّة: ج ۱ ص ۱۷۳.

4.. المعتبر: ج ۲ ص ۶۲.

5.. راجع: ج ۲ ص ۳۶۸ ح ۶۱۸ الغيبة للطوسي.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12428
صفحه از 458
پرینت  ارسال به