في بقيّة الأحاديث، أو عدم مخالفتها للأدلّة والقواعد الأُخرى في أقلّ احتمال، كما أوردها فقهاؤا في مصافّ بقيّة أدلّتهم في عديد من الموارد، وأحياناً لم يروا حاجة لذكرها وفقاً لأُسلوبهم، حيث لايعتقدون بضرورة ذكر جميع النصوص في المسائل الواضحة إجمالاً، ولايوجد لها حديث أو رأي مخالفان، سواء كانت تلك النصوص توقيعاً أم حديثا.
وعلى أيّ حال، فالأمر الأساسيّ في الاعتبار الإجماليّ لهذه التوقيعات، إضافة إلى كون سند بعضها معتبراً، هو اعتماد الفقهاء على أكثرها عمليّاً، وبالرغم من أنّ قسماً قليلاً منها جاء في الكتب الأربعة الأساسيّة، إلاّ أنّ المصادر الفقهيّة ذكرتها واستدلّت بها بنحوٍ يسترعي الاهتمام كما سنقف عليه فيما يأتي.
۴. المنزلة الدينيّة والفقهيّة للسفراء الأربعة
يعدّ الاهتمام بشخصيّة النوّاب الخاصّين لإمام العصر عليهالسلام ومنزلتهم، من القضايا المهمّة في بحث ولادة الإمام المهديّ عليهالسلام وعصر الغيبة الصغرى ثمّ بداية الغيبة الكبرى، واعتبار ومكانة التوقيعات وبخاصّة الفقهيّة منها.
وأهمّية هذا الأمر بالنسبة للتوقيعات الفقهيّة هو أنّ أُولئك الأجلاّء هم الأشخاص الوحيدون الذين تمكّنوا من الاتّصال بالإمام المهديّ عليهالسلام على مدار سبعين عاماً تقريباً من الغيبة الصغرى، ومثّلوا حلقة وصل بينه وبين الشيعة.
والاستناد إلى التوقيعات في الاستدلال الفقهيّ يرتكز على حقيقة أنّ المجتمع الشيعيّ بنحوٍ عامّ والعلماء والمحدّثين والمتكّلمين والفقهاء بنحوٍ خاصّ، لهم اعتماد كامل وإيمان راسخ بسموّ شأن هؤاء العظماء ووكالتهم.
ومنشأ هذا الاعتقاد والاعتماد هو وجود أدلّة وشواهد كثيرة من معجزات وغيرها تبعث على الاطمئنان، وقد وردت في مصادرنا الحديثية والتاريخية، منها: كتاب الغيبة للشيخ الطوسي، وكمال الدين للشيخ الصدوق. ويرجع تاريخ تلك الأدلّة إلى أيّام الإمامين الهاديّ والعسكريّ، حيث كان عثمان بن سعيد العَمريّ وابنه محمّد، من المقرّبين لذينك الإمامين