89
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

في بقيّة الأحاديث، أو عدم مخالفتها للأدلّة والقواعد الأُخرى في أقلّ احتمال، كما أوردها فقهاؤا في مصافّ بقيّة أدلّتهم في عديد من الموارد، وأحياناً لم يروا حاجة لذكرها وفقاً لأُسلوبهم، حيث لايعتقدون بضرورة ذكر جميع النصوص في المسائل الواضحة إجمالاً، ولايوجد لها حديث أو رأي مخالفان، سواء كانت تلك النصوص توقيعاً أم حديثا.

وعلى أيّ حال، فالأمر الأساسيّ في الاعتبار الإجماليّ لهذه التوقيعات، إضافة إلى كون سند بعضها معتبراً، هو اعتماد الفقهاء على أكثرها عمليّاً، وبالرغم من أنّ قسماً قليلاً منها جاء في الكتب الأربعة الأساسيّة، إلاّ أنّ المصادر الفقهيّة ذكرتها واستدلّت بها بنحوٍ يسترعي الاهتمام كما سنقف عليه فيما يأتي.

۴. المنزلة الدينيّة والفقهيّة للسفراء الأربعة

يعدّ الاهتمام بشخصيّة النوّاب الخاصّين لإمام العصر عليه‏السلام ومنزلتهم، من القضايا المهمّة في بحث ولادة الإمام المهديّ عليه‏السلام وعصر الغيبة الصغرى ثمّ بداية الغيبة الكبرى، واعتبار ومكانة التوقيعات وبخاصّة الفقهيّة منها.

وأهمّية هذا الأمر بالنسبة للتوقيعات الفقهيّة هو أنّ أُولئك الأجلاّء هم الأشخاص الوحيدون الذين تمكّنوا من الاتّصال بالإمام المهديّ عليه‏السلام على مدار سبعين عاماً تقريباً من الغيبة الصغرى، ومثّلوا حلقة وصل بينه وبين الشيعة.

والاستناد إلى التوقيعات في الاستدلال الفقهيّ يرتكز على حقيقة أنّ المجتمع الشيعيّ بنحوٍ عامّ والعلماء والمحدّثين والمتكّلمين والفقهاء بنحوٍ خاصّ، لهم اعتماد كامل وإيمان راسخ بسموّ شأن هؤاء العظماء ووكالتهم.

ومنشأ هذا الاعتقاد والاعتماد هو وجود أدلّة وشواهد كثيرة من معجزات وغيرها تبعث على الاطمئنان، وقد وردت في مصادرنا الحديثية والتاريخية، منها: كتاب الغيبة للشيخ الطوسي، وكمال الدين للشيخ الصدوق. ويرجع تاريخ تلك الأدلّة إلى أيّام الإمامين الهاديّ والعسكريّ، حيث كان عثمان بن سعيد العَمريّ وابنه محمّد، من المقرّبين لذينك الإمامين


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
88

وكتاب الاحتجاج من الكتب المعروفة والشائعة كما قال العلاّمة المجلسيّ، وعدّه من مصادر كتابه بحار الأنوار، ووفقاً لقوله أيضاً أنّ السيّد ابن طاووس أثنى على الكتاب ومؤّفه، ونقل عنه أكثر العلماء۱. إضافة إلى أنّ كتاب الاحتجاج من جملة مصادر وسائل الشيعة للشيخ الحرّ العاملي الذي أكّد اعتبار ووثاقة مصادره.۲

ومن جانب آخر فالكمّ الأساسيّ للتوقيعات يتعلّق بأربع مجاميع لأسئلة محمّد بن عبد اللّه‏ بن جعفر الحميريّ، وأجاب عنها إمام العصر عليه‏السلام، ونقلها الطبرسيّ مرسلة بدون سند، وهو ما اعتبره مقبولاً واتّبعه في أكثر أحاديث الكتاب حتّى وإن كان لها سند في مصادرها الأصليّة.

ولكنّ الملاحظة الجديرة بالاهتمام والتي ترتبط بموردين من هذه المجاميع الأربع، هي أنّ عمل الشيخ الطبرسيّ وإن أدّى إلى تعامل بعض الفقهاء باحتياط في الاستدلال ببعض اقسامهما ـ وهي ما لم يكن هناك شاهد آخر عليها ولا تقبل التسامح ـ ومن ثمّ لايستندون إليها استناداً قطعيّاً مثلما فعلوا مع الأحاديث المشابهة في بقيّة المصادر، ولكن مع هذا فقد نقل الشيخ الطوسيّ هذين التوقيعين بسند معتبر. وقد انتبه الشيخ الحرّ العامليّ إلى هذه الملاحظة المهمّة ؛ فعند نقله لمقاطع من هذين التوقيعين، مستندا إلى رواية الطبرسيّ المرسلة، أشار أيضا إلى رواية الشيخ الطوسيّ مع ذكره للسند دفعة واحدة في آخر الكتاب.۳

استنادا على هذا التوضيح، وعلى ما ذكرناه من الاعتبار والوثوق الكلّيّ بكتاب الاحتجاج، يمكن الوصول إلى اعتماد نسبيّ أيضاً بصحّة ما تبقّى من توقيعين مفصّلين للحميريّ، واللذين لم يُذكرا إلاّ في هذا الكتاب.

الملاحظة المهمّة الثانية في كون هذه التوقيعات معتبرة، هي مجيء مضامين كثير منها

1.. بحار الأنوار: ج ۱ ص ۲۸.

2.. وسائل الشيعة: ج ۳۰ ص ۱۹۱ و ۱۹۳.

3.. راجع: المصدر السابق : ج ۳۰ ص ۱۴۳.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12378
صفحه از 458
پرینت  ارسال به