توزّعت التوقيعات المذكورة موضوعيّاً بما يتناسب والأبواب الفقهيّة المختلفة في المصادر الحديثيّة المتأخّرة، مثل: وسائل الشيعة، وجامع أحاديث الشيعة، وغيرهما، واهتمّت بها الدراسات الاستدلاليّة والفقهيّة واستندت إلى بعضها.
وكما شهدنا بعض الروايات الضعيفة في سائر الأحاديث الفقهيّة فأعرض قسم من الفقهاء عن العمل بها أو رأوا ضعفها السنديّ يتنافى مع عمل الفقهاء القدماء، كذلك لا ينسجم جزء قليل من الأسئلة والأجوبة في التوقيعات الفقهيّة مع مفاد أحاديث أُخرى، وترك عدد من الفقهاء الاستناد إليها أو اعتقد أنّها بحاجة إلى جمع دلاليّ.
هذا، مع الالتفات إلى انعدام رأي موحّد بين الفقهاء حيال الموضوع كما سوف نرى، وإلى عدم رؤتهم الضعف السنديّ مانعاً من الاستناد إلى الأحاديث غير الإلزاميّة في قسم الأحكام غير الواجبة، اتّكاءً على قاعدة التسامح في أدلّة السنن.
ومن جانب آخر، فمفاد كثير من الأجوبة منسجم مع الأحاديث الأُخرى أو مناظر لها ؛ ممّا دفع جميع الفقهاء ليعتقدوا أن لاحاجة بتكرار الاستناد إلى الأجوبة المتشابهة للتوقيعات في جميع الحالات.
وعلى كلّ حال، فموارد الاستناد إلى التوقيعات الفقهيّة ليست على حدٍّ سواء، وهي تتعلّق بمنهج عمل الفقهاء.
وقد وردت التوقيعات محلّ البحث بأسنادها في المصادر القديمة وأهمّها الكتب المعتبرة، مثل: تهذيب الأحكام، والغيبة للشيخ الطوسي، وكتاب من لايحضره الفقيه، وكمال الدين للشيخ الصدوق.
ونقل بعضها أيضاً الطبرسيّ في كتاب الاحتجاج من دون سند ؛ لأنّه ألّف كتابه بعد قرن واحد تقريباً من الشيخ الطوسيّ، واعتقد بانعقاد الإجماع على أغلبها، أو موافقتها لمنطق العقل، أو لشهرتها في المصادر التاريخيّة وكتب الموافقين والمخالفين.۱